في المنافقين وأنه يظهر نفاقهم الذي كانوا يسرونه. وقيل: هو في أهل الكتاب وأنه يظهر لهم ما كانوا يخفونه من صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وَلَوْ رُدُّوا إلى الدنيا بعد وقوفهم على النار لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ من الكفر والمعاصي وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فيما وعدوا من أنفسهم لا يفون به.
وَقالُوا عطف على لعادوا. أى ولو ردّوا لكفروا ولقالوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا كما كانوا يقولون قبل معاينة القيامة. ويجوز أن يعطف على قوله: وإنهم لكاذبون، على معنى:
وإنهم لقوم كاذبون في كل شيء، وهم الذين قالوا: إن هي إلا حياتنا الدنيا. وكفى به دليلا على كذبهم
وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ مجاز عن الحبس للتوبيخ والسؤال، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده ليعاتبه. وقيل: وقفوا على جزاء ربهم. وقيل عرفوه حق التعريف قالَ مردود على قول قائل قال: ماذا قال لهم ربهم إذ وقفوا عليه فقيل: قال أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ وهذا تعيين من الله تعالى لهم على التكذيب. وقولهم- لما كانوا يسماعون من حديث البعث والجزاء-: ما هو بحق وما هو إلا باطل بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ بكفركم بلقاء الله ببلوغ الآخرة وما يتصل بها. وقد حقق الكلام فيه في مواضع أخر. وحَتَّى غاية لكذبوا لا لخسر، لأن خسرانهم لا غاية له. أى ما زال بهم التكذيب إلى حسرتهم وقت مجيء الساعة. فإن قلت: أما يتحسرون عند موتهم؟ قلت: لما كان الموت وقوعا في أحوال الآخرة ومقدّماتها، جعل من جنس الساعة وسمى باسمها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من مات فقد قامت قيامته «١» » . أو جعل مجيء الساعة بعد الموت لسرعته كالواقع بغير فترة بَغْتَةً فجأة وانتصابها على الحال بمعنى باغتة، أو على المصدر
(١) . أخرجه أبو شجاع الديلمي في الفردوس عن أنس بلفظ «إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته» للطبري من حديث زياد من علاقة عن المغيرة بن شعبة قال «يقولون القيامة القيامة، وإنما قيامة الرجل موته» ومن رواية سفيان عن أبى قيس قال «شهدت جنازة فيها علقمة. فما دفن قال: أما هذا فقد قامت قيامته.