والضمير في أَيَحْسَبُ لبعض صناديد قريش الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكابد منهم ما يكابد. والمعنى: أيظن هذا الصنديد القوى في قومه المتضعف للمؤمنين: أن لن تقوم قيامة، ولن يقدر على الانتقام منه وعلى مكافأته بما هو عليه، ثم ذكر ما يقوله في ذلك اليوم، وأنه يقول أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً يريد كثرة ما أنفقه فيما كان أهل الجاهلية يسمونها مكارم، ويدعونها معالى ومفاخر أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ حين كان ينفق ما ينفق رئاء الناس وافتخارا بينهم، يعنى: أن الله كان يراه وكان عليه رقيبا. ويجوز أن يكون الضمير للإنسان، على أن يكون المعنى: أقسم بهذا البلد الشريف، ومن شرفه أنك حل به مما يقترفه أهله من المآثم متحرج بريء، فهو حقيق بأن أعظمه بقسمي به لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ أى في مرض: وهو مرض القلب وفساد الباطن، يريد: الذين علم الله منهم حين خلقهم أنهم لا يؤمنون ولا يعملون الصالحات. وقيل: الذي يحسب أن لن يقدر عليه أحد: هو أبو الأشد، وكان قويا يبسط له الأديم العكاظي فيقوم عليه ويقول: من أزالنى عنه فله كذا، فلا ينزع إلا قطعا ويبقى موضع قدميه. وقيل: الوليد بن المغيرة لُبَداً قرى بالضم والكسر:
جمع لبدة ولبدة، وهو ما تلبد يريد الكثرة: وقرئ: لبدا بضمتين: جمع لبود. ولبدا:
فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦)
أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ يبصر بهما المرئيات وَلِساناً يترجم به عن ضمائره وَشَفَتَيْنِ يطبقهما على فيه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ وغير ذلك وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ أى طريقى الخير والشر. وقيل: الثديين فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ يعنى: فلم يشكر تلك الأيادى والنعم بالأعمال الصالحة: من فك الرقاب وإطعام اليتامى والمساكين، ثم بالإيمان