للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعنه: نعم القوم أنتم، ما كان من حلو فلكم، ومن كان من مرّ فهو لأهل الكتاب، من جحد حكم اللَّه كفر، ومن لم يحكم به وهو مقرّ فهو ظالم فاسق. وعن الشعبي: هذه في أهل الإسلام، والظالمون في اليهود، والفاسقون في النصارى. وعن ابن مسعود: هو عام في اليهود وغيرهم.

وعن حذيفة: أنتم أشبه الأمم سمتا ببني إسرائيل: لتركبن طريقهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة «١» ، غير أنى لا أدرى أتعبدون العجل أم لا؟

[[سورة المائدة (٥) : آية ٤٥]]

وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)

في مصحف أبىّ: وأنزل اللَّه على بنى إسرائيل فيها. وفيه: وأن الجروح قصاص. والمعطوفات كلها قرئت منصوبة ومرفوعة، والرفع للعطف على محل أن النفس، لأن المعنى وكتبنا عليهم النفس بالنفس، إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا، وإما لأن معنى الجملة التي هي قولك النفس بالنفس مما يقع عليه الكتب كما تقع عليه القراءة. تقول: كتبت الحمد للَّه، وقرأت سورة أنزلناها.

ولذلك قال الزجاج: لو قرئ: إن النفس بالنفس، بالكسر لكان صحيحاً. أو للاستئناف.

والمعنى: فرضنا عليهم فيها أَنَّ النَّفْسَ مأخوذة بِالنَّفْسِ مقتولة بها إذا قتلتها بغير حق وَكذلك الْعَيْنَ مفقوءة بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ مجدوع بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ مصلومة بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ مقلوعة بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ذات قصاص، وهو المقاصة، ومعناه: ما يمكن فيه القصاص وتعرف المساواة. وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما: كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة فنزلت فَمَنْ تَصَدَّقَ من أصحاب الحق بِهِ بالقصاص وعفا عنه فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ فالتصدق به كفارة للمتصدق يكفر اللَّه من سيئاته ما تقتضيه الموازنة كسائر طاعاته، وعن عبد اللَّه بن عمرو يهدم عنه من ذنوبه بقدر ما تصدق به، وقيل: فهو كفارة للجاني، إذا تجاوز عنه صاحب الحق سقط عنه ما لزمه، وفي قراءة أبىّ: فهو كفارة له يعنى فالمتصدق كفارته له أى الكفارة التي يستحقها له لا ينقص منها، وهو تعظيم لما فعل، كقوله تعالى: (فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وترغيب في العفو.

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]

وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤٧)


(١) . قوله «والقذة بالقذة» القذة. ريشة السهم اه. (ع)