للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤال حتى علمت. وقرأ ابن مسعود: كأنك حفىّ بها، أى عالم بها بليغ في العلم بها. وقيل عَنْها متعلق بيسئلونك: أى يسئلونك عنها كأنك حفىّ أى عالم بها. وقيل: إن قريشاً قالوا له إن بيننا وبينك قرابة، فقل لنا متى الساعة؟ فقيل: يسئلونك عنها كأنك حفىّ تتحفى بهم فتختصهم بتعليم وقتها لأجل القرابة وتزوى علمها عن غيرهم، ولو أحبرت بوقتها لمصلحة عرفها الله في إخبارك به، لكنت مبلغه القريب والبعيد من غير تخصيص، كسائر ما أوحى إليك.

وقيل: كأنك حفىّ بالسؤال عنها تحبه وتؤثره، يعنى أنك تكره السؤال عنها لأنها من علم الغيب الذي استأثر الله به ولم يؤته أحداً من خلقه. فإن قلت: لم كرر يسئلونك وإنما علمها عند الله؟

قلت: للتأكيد، ولما جاء به من زيادة قوله كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها وعلى هذا تكرير العلماء الحذاق في كتبهم لا يخلون المكرر من فائدة زائدة، منهم محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة رحمهما الله وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أنه العالم بها، وأنه المختص بالعلم بها.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٨٨]]

قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)

قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي هو إظهار للعبودية والانتفاء عما يختص بالربوبية من علم الغيب:

أى أنا عبد ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضرر كالمماليك والعبيد إِلَّا ما شاءَ ربى ومالكى من النفع لي والدفع عنى وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لكانت حالى على خلاف ما هي عليه، ومن استكثار الخير، واستغزار المنافع، واجتناب السوء والمضارّ، حتى لا يمسني شيء منها. ولم أكن غالباً مرة ومغلوبا أخرى في الحروب، ورابحا وخاسرا في التجارات، ومصيبا مخطئا في التدابير إِنْ أَنَا إِلَّا عبد أرسالات نذيراً وبشيراً، وما من شأنى أنى أعلم الغيب لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يجوز أن يتعلق بالنذير والبشير جميعاً، لأن النذارة والبشارة إنما تنفعان فيهم.

أو يتعلق بالبشير وحده ويكون المتعلق بالنذير محذوفا أى إلا نذير للكافرين، وبشير لقوم يؤمنون.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٨٩ الى ١٩٠]

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠)