وَلُوطاً وأرسلنا لوطا. وإِذْ ظرف لأرسلنا. أو واذكر لوطا، وإذ بدل منه، بمعنى: واذكر وقت قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أتفعلون السيئة المتمادية في القبح ما سَبَقَكُمْ بِها ما عملها قبلكم، والباء للتعدية من قولك: سبقته بالكرة، إذا ضربتها قبله. ومنه قوله عليه السلام «سبقك بها عكاشة «١» » مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ «من» الأولى زائدة لتوكيد النفي وإفادة معنى الاستغراق، والثانية للتبعيض. فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت: هي جملة مستأنفة، أنكر عليهم أوّلا بقوله أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ثم وبخهم عليها فقال: أنتم أوّل من عملها. أو على أنه جواب لسؤال مقدّر، كأنهم قالوا: لم لا نأتيها؟ فقال: ما سبقكم بها أحد، فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ بيان لقوله: أتأتون الفاحشة. والهمزة مثلها في أَتَأْتُونَ للإنكار والتعظيم. وقرئ: إنكم، على الإخبار المستأنف لتأتون الرجال، من أتى المرأة إذا غشيها شَهْوَةً مفعول له، أى للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلا مجرّد الشهوة من غير داع آخر، ولا ذم أعظم منه، لأنه وصف لهم بالبهيمية، أنه لا داعى لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه أو حال بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين إلى السماجة بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعوا إلى اتباع الشهوات وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شيء، فمن ثم أسرفوا في باب قضاء الشهوة، حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد. ونحوه بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ. وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا يعنى ما أجابوه بما يكون جواباً عما كلمهم به لوط عليه السلام، من إنكار الفاحشة، وتعظيم أمرها، ووسمهم بسمة الإسراف الذي هو أصل الشر كله، ولكنهم جاءوا
(١) . متفق عليه من حديث ابن عباس في قصته. ولمسلم من حديث أبى هريرة نحوه. ومن حديث عمران بن حصين رضى الله عنه.