أقرين إنك لو رأيت فوارسى … بعمايتين إلى جوانب صلفع حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن … للغدر خائنة مضل الأصبع للكلابى، يخاطب ضيفاً نزل عنده فطمع في جاريته. والهمزة للنداء و «عمايتين» اسم جبلين. و «صلفع» اسم موضع. أى ياقرين لو رأيت فوارسى بهذين الجبلين ممتدين إلى جوانب صلفع، لحدثت نفسك بوفاء العهد خوفاً منى كما هو الواجب عليك، ولم تكن لأجل العدو. أو ولم تكن مجعولا للغدر خائنة، على أنه خبر بعد خبر، أى كثير الخيانة، فالتاء للمبالغة كرواية. ولعله كان قد أشار للجارية بإصبعه، فسمى الاشارة به للخيانة إضلالا له: ويروى مغل الأصبع بالغين وغل وأغل إذا سرق شيئاً تافها، كأنه جعل أصبعه غالا، أى سارقا، للاشارة به. (٢) . قال محمود: «فان قلت: فهلا قيل من النصارى … الخ» قال أحمد: وبقيت نكتة في تخصيص هذا الموضع بإسناد النصرانية إلى دعواهم ولم يتفق ذلك في غيره. ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فالوجه في ذلك واللَّه أعلم أنه لما كان المقصود في هذه الآية ذمهم بنقض الميثاق المأخوذ عليهم في نصرة اللَّه تعالى، ناسب ذلك أن يصدر الكلام بما يدل على أنهم لم ينصروا اللَّه ولم يفوا بما واثقوا عليه من النصرة، وما كان حاصل أمرهم إلا التفوه بدعوى النصرة وقولها دون فعلها، واللَّه أعلم.