للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه معنى طلب الصرف والدعاء باللطف السَّمِيعُ لدعوات الملتجئين إليه الْعَلِيمُ بأحوالهم وما يصلحهم.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٣٥]]

ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥)

بَدا لَهُمْ فاعله مضمر، لدلالة ما يفسره عليه وهو: ليسجننه، والمعنى: بدا لهم بداء، أى: ظهر لهم رأى ليسجننه، والضمير في لَهُمْ للعزيز وأهله مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ وهي الشواهد على براءته، وما كان ذلك إلا باستنزال المرأة لزوجها، وفتلها منه في الذروة والغارب «١» وكان مطواعة لها وجميلا ذلولا زمامه في يدها، حتى أنساه ذلك ما عاين من الآيات وعمل برأيها في سجنه وإلحاق الصغار به كما أو عدته به، وذلك لما أيست من طاعته لها، أو لطمعها في أن يذلله السجن ويسخره لها. وفي قراءة الحسن: لتسجننه، بالتاء على الخطاب: خاطب به بعضهم العزيز ومن يليه، أو العزيز وحده على وجه التعظيم حَتَّى حِينٍ إلى زمان، كأنها اقترحت أن يسجن زماناً حتى تبصر ما يكون منه. وفي قراءة ابن مسعود: عتى حين، وهي لغة هذيل. وعن عمر رضى الله عنه أنه سمع رجلا يقرأ «عتى حين» فقال: من أقرأك؟ قال:

ابن مسعود. فكتب إليه: إن الله أنزل هذا القرآن فجعله عربيا وأنزله بلغة قريش، فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل، والسلام.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٣٦]]

وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)

«مع» يدل على معنى الصحبة واستحداثها. تقول: خرجت مع الأمير، تريد مصاحبا له، فيجب أن يكون دخولهما السجن مصاحبين له فَتَيانِ عبدان للملك: خبازه وشرابيه: رقى إليه أنهما يسمانه، «٢» فأمر بهما إلى السجن، فأدخلا ساعة أدخل يوسف عليه السلام إِنِّي أَرانِي يعنى في المنام، وهي حكاية حال ماضية أَعْصِرُ خَمْراً يعنى عنباً، تسمية للعنب بما يؤول إليه. وقيل: الخمر- بلغة عمان-: اسم للعنب. وفي قراءة ابن مسعود: أعصر عنبا مِنَ الْمُحْسِنِينَ من الذين يحسنون عبارة الرؤيا، أمى: يجيدونها، رأياه يقصّ عليه بعض أهل السجن


(١) . قوله «وفتلها منه في الذروة» أى دورانها من وراء خديعته. أفاده الصحاح. (ع)
(٢) . قوله «رقى إليه أنهما يسمانه» في الصحاح: رقى إليه الكلام ترقية، أى: رفع إليه. (ع)