قد أترك القرن مصفراً أنامله والغرض التعبير عن المعنى بما يشعر بعكسه، تنبيها على أنه بلغ الآية التي ما بعدها إلا الرجوع إلى الضد. وذلك من لطائف لغة العرب وغرائبها. (٢) . أخو ثقة لا يهلك الخمر ماله … ولكنه قد يهلك المال نائله تراه إذا ما جئته متهللا … كأنك تعطيه الذي أنت سائله ولو لم يكن في كفه غير نفسه … لجاد بها فليتق الله سائله فمن مثل حصن في الحروب ومثله … لانكار ضيم أو لخصم يحاوله لزهير بن أبى سلمي يمدح حصن بن أبى حذيفة. والثقة من وثق، كالعدة من وعد. وإن كان الفعل الأول مكسورا والثاني مفتوحا، فأصلها «وثق» حذفت الواو وخلفتا التاء، والمراد بها ما يتوثق به، أو المصدر هو التوثق، أى هو ملازم لما يتوثق به من مكارم الأخلاف، لا ينفك عنه كأنه أخوه أو ملازم للتوثق به. وإسناد الإهلاك إلى الخمر مجاز عقلى، لأنه سببه، وكذلك إسناده إلى النائل، أى العطاء. و «قد» هنا للتكثير، وإلا لم يكن مدحا، (٢- كشاف- ٢) تراه متهللا مستبشر الوجه إذا جئته سائلا، فكأنك تعطيه المال الذي أنت طالبه منه. وبالغ في وصفه بالكرم حتى أنه يجود بروحه إن لم يملك غيرها، وبنى على ذلك أمر سائله بالتقوى من الله، لئلا يأخذ روحه فيميته. فسائله الأول مضاف لمفعوله الثاني. والثاني مضاف للأول. وقوله «فمن» استفهام إنكارى، أى ما مثله أحد في الحروب، وما مثله أحد معد لانكار الظلم وإبائه والمحاولة والمعالجة والطلب. وضمير يحاوله للضيم، أو لحصن، أو لمن. ويروى الشعر برواية أخرى، على أنه وصف لمعن بن زائدة وهي: يقولون معن لا زكاة لماله … وكيف يزكى المال من هو باذله إذا حال حول لم تجد في دياره … من المال إلا ذكره وجمائله تراه إذا ما جئته متهللا … كأنك تعطيه الذي أنت نائله تعود بسط الكف حتى لو انه … أراد انقباضا لم تطعه أنامله فلو لم يكن......... … ......... البيت ورفع جمائله، ذهابا إلى المعنى، لأن المعنى لم يبق إلا جمائله ونائله: آخذه منه. وبسط الكف: كناية عن كثرة الكرم. وأنامله: أجزاء أصابعه.