في الدال، فالتقى ساكنان فحرّكت الراء بالكسر على الأصل، أو على إتباع الدال. وبالضم على إتباع الميم. وعن السدى: بآلاف من الملائكة. على الجمع ليوافق ما في سورة آل عمران.
فإن قلت: فبم يعتذر لمن قرأ على التوحيد ولم يفسر المردفين بإرداف الملائكة ملائكة آخرين، والمردفين بارتدافهم غيرهم؟ قلت: بأنّ المراد بالألف من قاتل منهم. أو الوجوه منهم الذين من سواهم أتباع لهم.
فإن قلت: إلام يرجع الضمير في وَما جَعَلَهُ؟ قلت: إلى قوله أَنِّي مُمِدُّكُمْ لأن المعنى:
قاستجاب لكم بإمدادكم. فإن قلت: ففيمن قرأ بالكسر؟ قلت: إلى قوله أَنِّي مُمِدُّكُمْ لأنه مفعول القول المضمر فهو في معنى القول. ويجوز أن يرجع إلى الإمداد الذي يدل عليه ممدّكم إِلَّا بُشْرى إلا بشارة لكم بالنصر، كالسكينة لبنى إسرائيل، يعنى أنكم استغثتم وتضرعتم لقلتكم وذلتكم، فكان الإمداد بالملائكة بشارة لكم بالنصر، وتسكيناً منكم، وربطا على قلوبكم وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يريد ولا تحسبوا النصر من الملائكة، فإن الناصر هو الله لكم وللملائكة. أو وما النصر بالملائكة وغيرهم من الأسباب إلا من عند الله، والمنصور من نصره الله.
إِذْ يُغَشِّيكُمُ بدل ثان من إِذْ يَعِدُكُمُ أو منصوب بالنصر، أو بما في مِنْ عِنْدِ اللَّهِ من معنى الفعل، أو بما جعله الله، أو بإضمار اذكر. وقرئ: يغشيكم بالتخفيف والتشديد «١» ونصب النعاس
(١) . قال محمود: «وقرئ إِذْ يُغَشِّيكُمُ بالتخفيف والتشديد … الخ» قال أحمد: ومثل هذا النظر يجرى عند قوله تعالى هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً لأن فاعل الارادة هو الله عز وجل، وفاعل الخوف والطمع هم، وقد انتصبا مفعولا لهما فالجواب: أنه لما كان الله تعالى إذا أراهم البرق رأوه، كانوا فاعلين في المعنى وكان المعنى وهو الذي يريكم البرق فترونه خوفا وطعما، فهذا مثل آية الأنفال، فان المفعول في المعنى فاعل. وسيأتى مزيد بحث في هذه النكتة. وقد جرى القلم بتعجيلها هاهنا، وذلك أن لقائل أن يقول: فاعل يغشى النعاس إياهم هو الله تعالى، وهو فاعل الأمنة أيضا وخالقها وحينئذ يتحد فاعل الفعل والعلة فيرتفع السؤال ويزول الاشكال على قواعد السنة التي تقتضي نسبة أفعال الخلق إلى الله تعالى على أنه خالقها ومبدعها، ولمورد السؤال أن يقول المعتبر أن يكون فاعل الفعل متصفا بالعلة كما هو متصف بالفعل، والباري عز وجل. إن كان خالق الأمنة العبد وكان بها آمنا فالعبد هو الفاعل اللغوي وإن كان الله تعالى هو الفاعل حقيقة وعقيدة، وحينئذ يفتقر السؤال إلى الجواب السالف والله الموفق.