ما أظهر على أيديهم من الآيات العظام، فكذبوهم وسموهم سحرة. أو جاوزوا حدّ التصديق إلى أن اتخذوهم آلهة، كما قال بعض بنى إسرائيل فيما أظهر على يد عيسى عليه السلام من البينات والمعجزات (هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) واتخذه بعضهم وأمه إلهين أَيَّدْتُكَ قويتك. وقرئ أيدتك، على أفعلتك بِرُوحِ الْقُدُسِ بالكلام الذي يحيا به الدين، وأضافه إلى القدس، لأنه سبب الطهر من أو ضار الآثام. والدليل عليه قوله تعالى تُكَلِّمُ النَّاسَ وفِي الْمَهْدِ في موضع الحال، لأنّ المعنى تكلمهم طفلا وَكَهْلًا إلا أن في المهد فيه دليل على حدّ من الطفولة. وقيل روح القدس:
جبريل عليه السلام، أيد به لتثبيت الحجة. فإن قلت: ما معنى قوله: (فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا) ؟ قلت:
معناه تكلمهم في هاتين الحالتين، من غير أن يتفاوت كلامك في حين الطفولة وحين الكهولة الذي هو وقت كمال العقل وبلوغ الأشد والحدّ الذي يستنبأ فيه الأنبياء وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ خصا بالذكر مما تناوله الكتاب والحكمة، لأن المراد بهما جنس الكتاب والحكمة. وقيل (الْكِتابَ) الخط. و (الْحِكْمَةَ) الكلام المحكم الصواب كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ هيئة مثل هيئة الطير بِإِذْنِي بتسهيلى فَتَنْفُخُ فِيها الضمير للكاف، لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى عليه السلام وينفخ فيها، ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ولا من نفخه في شيء. وكذلك الضمير في فتكون تُخْرِجُ الْمَوْتى تخرجهم من القبور وتبعثهم. قيل: أخرج سام بن نوح ورجلين وامرأة وجارية وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ يعنى اليهود حين هموا بقتله. وقيل:
لما قال اللَّه تعالى لعيسى (اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ) كان يلبس الشعر ويأكل الشجر ولا يدخر شيئا لغد يقول: مع كل يوم رزقه، لم يكن له بيت فيخرب، ولا ولد فيموت، أينما أمسى بات.