للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمّة: الملة، وهذِهِ إشارة إلى ملة الإسلام، أى: إن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها لا تنحرفون عنها، يشار إليها ملة واحدة غير مختلفة وَأَنَا إلهكم إله واحد فَاعْبُدُونِ ونصب الحسن أمّتكم على البدل من هذه، ورفع أمّة خبرا. وعنه رفعهما جميعا خبرين لهذه. أو نوى للثاني مبتدأ، والخطاب للناس كافة.

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩٣]]

وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣)

والأصل: وتقطعتم، إلا أن الكلام حرف إلى الغيبة على طريقة الالتفات، كأنه ينعى عليهم ما أفسدوه إلى آخرين ويقبح عندهم فعلهم، ويقول لهم: ألا ترون إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء في دين الله. والمعنى: جعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعا، كما يتوزع الجماعة الشيء ويتقسمونه، فيطير لهذا نصيب ولذاك نصيب، تمثيلا لاختلافهم فيه، وصيرورتهم فرقا وأحزابا شتى. ثم توعدهم بأنّ هؤلاء الفرق المختلفة إليه يرجعون، فهو محاسبهم ومجازيهم.

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩٤]]

فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (٩٤)

الكفران: مثل في حرمان الثواب، كما أن الشكر مثل في إعطائه إذا قيل لله: شكور.

وقد نفى نفى الجنس ليكون أبلغ من أن يقول: فلا نكفر سعيه وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ أى نحن كاتبو ذلك السعى ومثبتوه في صحيفة عمله، وما نحن مثبتوه فهو غير ضائع ومثاب عليه صاحبه.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٩٥ الى ٩٦]

وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦)

استعير الحرام للممتنع وجوده. ومنه قوله عز وجلّ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ أى منعهما منهم، وأبى أن يكونا لهم. وقرئ: حرم وحرم، بالفتح والكسر. وحرّم وحرّم.

ومعنى أَهْلَكْناها عزمنا على إهلاكها. أو قدرنا إهلاكها. ومعنى الرجوع: الرجوع من الكفر إلى الإسلام والإنابة. ومجاز الآية: أن قوما عزم الله على إهلاكهم غير متصوّر أن يرجعوا وينيبوا، إلى أن تقوم القيامة فحينئذ يرجعون ويقولون: يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ يعنى: أنهم مطبوع على قلوبهم فلا يزالون على كفرهم ويموتون عليه حتى يروا العذاب. وقرئ: إنهم، بالكسر. وحق هذا أن يتمّ الكلام قبله، فلا بدّ من تقدير محذوف، كأنه قيل: وحرام على قرية أهلكناها ذاك. وهو المذكور في الآية المتقدمة من العمل الصالح والسعى المشكور غير المكفور، ثم علل فقيل: إنهم لا يرجعون عن الكفر، فكيف لا يمتنع ذلك. والقراءة بالفتح يصح حملها على هذا؟ أى: لأنهم لا يرجعون ولا صلة على