للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة واثنا عشر رجلا من عباد بنى إسرائيل فأمروا قتلتهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار «١» » فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لأنّ لهم اللعنة والخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة. فإن قلت: لم دخلت الفاء في خبر إن؟ قلت: لتضمن اسمها معنى الجزاء، كأنه قيل: الذين يكفرون فبشرهم بمعنى من يكفر فبشرهم، و «إنّ» لا تغير معنى الابتداء «فكأنّ دخولها كلا دخول، ولو كان مكانها «ليت» أو «لعل» لامتنع إدخال الفاء لتغير معنى الابتداء.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٥)

أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يريد أحبار اليهود، وأنهم حصلوا نصيبا وافراً من التوراة.

و «من» إما للتبعيض وإما للبيان، أو حصلوا من جنس الكتب المنزلة أو من اللوح التوراة وهي نصيب عظيم يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ وهو التوراة لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ وذلك أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم دخل مدارسهم فدعاهم فقال له نعيم بن عمرو والحرث بن زيد: على أى دين أنت؟

قال: على ملة إبراهيم. قالا: إنّ إبراهيم كان يهوديا. قال لهما: إنّ بيننا وبينكم التوراة، فهلموا إليها» «٢» فأبيا. وقيل نزلت في الرجم، وقد اختلفوا فيه. وعن الحسن وقتادة: كتاب اللَّه القرآن لأنهم قد علموا أنه كتاب اللَّه لم يشكوا فيه ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ استبعاد لتوليهم بعد علمهم بأن الرجوع إلى كتاب اللَّه واجب وَهُمْ مُعْرِضُونَ وهم قوم لا يزال الإعراض ديدنهم. وقرئ (ليحكم) على البناء للمفعول. والوجه أن يراد ما وقع من الاختلاف والتعادي بين من أسلم من أحبارهم وبين من لم يسلم: وأنهم دعوا إلى كتاب اللَّه الذي لا اختلاف بينهم في صحته وهو التوراة ليحكم بين المحق والمبطل منهم، ثم يتولى فريق منهم وهم الذين لم يسلموا. وذلك أنّ قوله: (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) يقتضى أن يكون اختلافا واقعا فيما بينهم، لا فيما بينهم وبين رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم


(١) . أخرجه البزار والطبراني وابن أبى حاتم والثعلبي والبغوي من حديثه، وفيه أبو الحسن مولى بنى أسد، وهو مجهول.
(٢) . أخرجه الطبري من رواية إسحاق عن محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما به.