للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقدّر، على البناء للمفعول مخففا ومثقلا. وفسرت بالتضييق عليه، وبتقدير الله عليه عقوبة.

وعن ابن عباس: أنه دخل على معاوية فقال: لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة فغرقت فيها، فلم أجد لنفسي خلاصا إلا بك. قال: وما هي يا معاوية، فقرأ هذه الآية وقال: أو يظن نبىّ الله أن لا يقدر عليه؟ قال: هذا من القدر لا من القدرة. والمخفف يصح أن يفسر بالقدرة، على معنى: أن لن نعمل فيه قدرتنا، وأن يكون من باب التمثيل، بمعنى: فكانت حاله ممثلة بحال من ظنّ أن لن نقدر عليه في مراغمته قومه، من غير انتظار لأمر الله. ويجوز أن يسبق ذلك إلى وهمه بوسوسة الشيطان، ثم يردعه ويرده بالبرهان، كما يفعل المؤمن المحقق بنزغات الشيطان وما يوسوس إليه في كل وقت. ومنه قوله تعالى وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا والخطاب للمؤمنين فِي الظُّلُماتِ أى في الظلمة الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت، كقوله ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ وقوله يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ وقيل: ظلمات بطن الحوت والبحر والليل. وقيل: ابتلع حوته حوت أكبر منه، فحصل في ظلمتى بطني الحوتين وظلمة البحر. أى بأنه لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أو بمعنى «أى» . عن النبي صلى الله عليه وسلم «ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا استجيب له «١» » وعن الحسن: ما نجاه والله إلا إقراره على نفسه بالظلم.

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٨٨]]

فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)

نُنْجِي وننجي. ونجى. والنون لا تدغم في الجيم، ومن تمحل لصحته فجعله فعل وقال نجى النجاء المؤمنين، فأرسل الياء وأسنده إلى مصدره ونصب المؤمنين بالنجاء- فمتعسف بارد التعسف

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٩ الى ٩٠]

وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (٩٠)


(١) . أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي في الشعب في السبعين من رواية إبراهيم بن محمد بن سعد عن أبيه عن جده سعد بن أبى وقاص رفعه «دعوة ذى النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فانه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له» قال الترمذي، رواه بعضهم عن إبراهيم عن جده، لم يقل عن أبيه اه وله منابع أخرجه الحاكم من رواية كثير بن زيد عن المطلب بن حنطب عن مصعب بن سعد عن أبيه، بلفظ «ألا أخبركم بشيء إذا نزل بأحدكم كرب أو بلاء فدعا به إلا فرج عنه. قالوا: بلى يا رسول الله.
قال دعوة ذى النون لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ وأخرجه الحاكم أيضا من رواية معمر بن سليمان عن معمر عن الزهري عن أبى أمامة بن سهيل بن حنيف عن سعد.