للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٦٠]]

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠)

مِنْ قُوَّةٍ من كل ما يتقوّى به في الحرب من عددها. وعن عقبة بن عامر «١» : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: «ألا إن القوة الرمي «٢» » قالها ثلاثا. ومات عقبة عن سبعين قوسا في سبيل الله. وعن عكرمة: هي الحصون، والرباط: اسم للخيل التي تربط في سبيل الله. ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة. ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال. وقرأ الحسن: ومن ربط الخيل، بضم الباء وسكونها جمع رباط. ويجوز أن يكون قوله وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تخصيصاً للخيل من بين ما يتقوى به، كقوله وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ وعن ابن سيرين رحمه الله أنه سئل عمن أوصى بثلث ماله في الحصون؟ فقال: يشترى به الخيل، فترابط في سبيل الله ويغزى عليها، فقيل له: إنما أوصى في الحصون، فقال: ألم تسمع قول الشاعر:

أنّ الحصون الخيل لا مدر القرى «٣»

تُرْهِبُونَ قرئ بالتخفيف والتشديد. وقرأ ابن عباس ومجاهد رضى الله عنهما تخزون والضمير في بِهِ راجع إلى ما استطعتم عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ هم أهل مكة وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ هم اليهود وقيل المنافقون «وعن السدى هم أهل فارس، وقيل كفرة الجن، وجاء في الحديث. إن الشيطان لا يقرب صاحب فرس ولا داراً فيها فرس عتيق» وروى أنّ صهيل الخيل يرهب الجن «٤»


(١) . قال محمود: «القوة الرمي، روى عقبة بن عامر أنها الرمي … الخ» قال أحمد: والمطابق للرمي أن يكون الرباط على بابه مصدراً، والله أعلم، وهو حسبي ونعم الوكيل.
(٢) . أخرجه مسلم أتم منه.
(٣) .
ولقد علمت على تجنبى الردى … أن الحصون الخيل لا مدر القرى
لأشعر الجعفي، يقول: ولقد تيقنت مع أنى متجنب للردى أن الحصون المانعة منه هي الخيل وآلات الحرب لا البناء، كالقلاع التي في القرى. وأتى بقوله «على تجنبى الردى» لدفع توهم أنه رجل يلقى بنفسه إلى التهلكة فلذلك يحب الحرب، فهو من باب الاحتراس. ويروى: على توقى الردى- بتشديد الياء- أى: مع أنى أتوقى الهلاك.
قال رجل لعبيد الله بن الحسن: إن أبى أوصى بثلث ماله للحصون. قال: اذهب فاشتر به خيلا. قال: إنما ذكر الحصون. فقال: أما سمعت قول الأشعر، فأنشد البيت.
(٤) . لم أجده هكذا، وروى ابن سعد والطبراني وابن عدى من رواية سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله ابن عريب عن أبيه عن جده. رفعه في قوله عز وجل وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ- الآية قال: هم الجن، ولن يختل الشيطان إنسانا في داره فرس عتيق وأهله ابن عدى، بسعيد بن سنان وضعفه عن أبى معين، وغيره، وله شاهد من رواية الوضين بن عطاء عن سليمان بن موسى مرسلا، ولابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس في هذه الآية قال: هو الشيطان، لا يقرب ناصية فرس وإسناده واه. وقوله: «روى أن صهيل الخيل يطرد الجن» لم أجده.