للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باللَّه متوقع للهدى، كما أن قاصد الكريم متوقع للفلاح عنده.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٠٢ الى ١٠٣]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)

حَقَّ تُقاتِهِ واجب تقواه وما يحق منها، وهو القيام بالمواجب واجتناب المحارم، ونحوه (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) يريد: بالغوا في التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيئا. وعن عبد اللَّه:

هو أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى «١» » وروى مرفوعا. وقيل:

هو أن لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، ويقوم بالقسط ولو على نفسه أو ابنه أو أبيه. وقيل: لا يتقى اللَّه عبد حق تقاته حتى يخزن لسانه، والتقاة من اتقى كالتؤدة من اتأد وَلا تَمُوتُنَّ معناه:

ولا تكوننّ على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت، كما تقول لمن تستعين به على لقاء العدوّ: لا تأتنى إلا وأنت على حصان، فلا تنهاه عن الإتيان ولكنك تنهاه عن خلاف الحال التي شرطت عليه في وقت الإتيان. قولهم اعتصمت بحبله: يجوز أن يكون تمثيلا لاستظهاره به ووثوقه بحمايته، بامتساك المتدلى من مكان مرتفع بحبل وثيق يأمن انقطاعه، وأن يكون الحبل استعارة لعهده والاعتصام لوثوقه بالعهد، أو ترشيحا لاستعارة الحبل بما يناسبه. والمعنى:

واجتمعوا على استعانتكم باللَّه ووثوقكم به ولا تفرقوا عنه. أو واجتمعوا على التمسك بعهده إلى عباده وهو الإيمان والطاعة أو بكتابه لقول النبي صلى اللَّه عليه وسلم «القرآن حبل اللَّه المتين لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الردّ، من قال به صدق ومن عمل به رشد، ومن اعتصم به هدى إلى صراط مستقيم» «٢» . وَلا تَفَرَّقُوا ولا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف


(١) . قال المصنف وروى مرفوعا انتهى. فأما الموقوف فأخرجه الحاكم من طريق مسعر عن زيد عن مرة عنه، وكذلك أخرجه عبد الرزاق ومن طريقه الطبري وابن أبى حاتم والطبراني، وقال أبو نعيم في ترجمة مسعر من الحلية:
حدثنا سليمان بن أحمد، وهو الطبراني- فذكره. ثم قال: هكذا رواه الناس عن زيد موقوفا. ورفعه النضر عن محمد بن طلحة عن زيد ثم ساقه مرفوعا. وأخرجه ابن مردويه من طريق ابن وهب عن سفيان الثوري عن زيد مرفوعا أيضا. وله شاهد عن ابن عباس مرفوعا. أخرجه البيهقي في الشعب من رواية ابن جرير عن عطاء عن ابن عباس. لكنه من نسخة عبد الغنى بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني. وهي ساقطة.
(٢) . أخرجه الترمذي في فضائل القرآن، من حديث الحارث الأعور عن على رضى اللَّه عنه مطولا. وفيه قصة وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات. وإسناده مجهول انتهى. وأخرجه ابن أبى شيبة وإسحاق والدارمي والبزار من طريق الحارث. قال البزار: لا نعلمه إلا من طريق على. ولا نعلمه رواه عنه إلا الحارث انتهى. وله شاهد عن معاذ بن جبل. أخرجه الطبراني من رواية عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة عن ابن إدريس بلفظ «ذكر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الفتن فشددها. قال على بن أبى طالب رضى اللَّه عنه: ما المخرج منها؟
قال: كتاب اللَّه- فذكر الحديث بطوله. ورواه الحاكم من حديث ابن مسعود مرفوعا أيضا «إن هذا القرآن حبل اللَّه والنور المبين، والشافع، عصمة لمن تمسك به … الحديث» أخرجه من طريق صالح بن عمر عن إبراهيم البحري عن أبى الأحوص عنه. وإبراهيم ضعيف.