للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فعلنا نكرا من الفعل، فإنّ النصارى جعلوا المسيح ابن الله وعبدوه، ونحن أشف «١» منهم قولا وفعلا، فإنا نسبنا إليه الملائكة وهم نسبوا إليه الأناسى، فقيل لهم: مذهب النصارى شرك بالله، ومذهبكم شرك مثله، وما تنصلكم مما أنتم عليه بما أوردتموه إلا قياس باطل بباطل، وما عيسى إِلَّا عَبْدٌ كسائر العبيد أَنْعَمْنا عَلَيْهِ حيث جعلناه آية: بأن خلقناه من غير سبب، كما خلقنا آدم وشرفناه بالنبوّة وصيرناه عبرة عجيبة كالمثل السائر لبنى إسرائيل.

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٦٠]]

وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠)

وَلَوْ نَشاءُ لقدرتنا على عجائب الأمور وبدائع الفطر لَجَعَلْنا مِنْكُمْ لولدنا منكم يا رجال مَلائِكَةً يخلفونكم في الأرض كما يخلفكم أولادكم، كما ولدنا عيسى من أنثى من غير فحل، لتعرفوا تميزنا بالقدرة الباهرة، ولتعلموا أن الملائكة أجسام لا تتولد إلا من أجسام، وذات القديم متعالية عن ذلك.

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٦١]]

وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)

وَإِنَّهُ وإن عيسى عليه السلام لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ أى شرط من أشراطها تعلم به، فسمى الشرط علما لحصول العلم به. وقرأ ابن عباس: لعلم، وهو العلامة. وقرئ: للعلم. وقرأ:

أبىّ: لذكر، على تسمية ما يذكر به ذكرا، كما سمى ما يعلم به علما. وفي الحديث: أن عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل على ثنية بالأرض المقدّسة: يقال لها أفيق وعليه ممصرتان، وشعر رأسه دهين، وبيده حربة، وبها يقتل الدجال، فيأتى بيت المقدس والناس في صلاة الصبح والإمام يؤم بهم، فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلى خلفه على شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب، ويخرب البيع والكنائس، ويقتل النصارى إلا من آمن «٢» به.

وعن الحسن: أن الضمير للقرآن، وأن القرآن به تعلم الساعة، لأن فيه الإعلان بها فَلا تَمْتَرُنَّ بِها من المرية وهي الشك وَاتَّبِعُونِ واتبعوا هداي وشرعي. أو رسولي. وقيل: هذا أمر لرسول الله أن يقوله هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ أى هذا الذي أدعوكم إليه. أو هذا القرآن إن جعل الضمير في وَإِنَّهُ للقرآن.


(١) . قوله «ونحن أشف منهم» أى: أرق. أفاده الصحاح. (ع)
(٢) . أخرجه الثعلبي بغير سند. وهو موجود في أحاديث متفرقة. فقوله «ثنية أفيق» عند الحاكم من حديث عثمان بن أبى العاص. وقوله «وعليه ممصرتان» عند أحمد والحاكم من حديث أبى هريرة. وقوله والناس في صلاة الصبح، عند ابن ماجة من حديث أبى أسامة. وقوله «فيقتل الخنزير ويكسر الصليب» في الصحيح من حديث أبى هريرة.