للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا … الآية يقال: مازه فانماز وامتاز.

وعن قتادة: اعتزلوا عن كل خير. وعن الضحاك: لكل كافر بيت من النار يكون فيه، لا يرى ولا يرى. ومعناه: أنّ بعضهم يمتاز من بعض.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٦٠ الى ٦١]

أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)

العهد: الوصية، وعهد إليه: إذا وصاه. وعهد الله إليهم: ما ركزه فيهم من أدلة العقل وأنزل عليهم من دلائل السمع. وعبادة الشيطان: طاعته فيما يوسوس به إليهم ويزينه لهم. وقرئ:

اعهد، بكسر الهمزة. وباب «فعل» كله يجوز في حروف مضارعته الكسر «١» ، إلا في الياء.

وأعهد، بكسر الهاء. وقد جوز الزجاج أن يكون من باب نعم ينعم وضرب يضرب. وأحهد:

بالحاء. وأحد: وهي لغة تميم. ومنه قولهم: دحا محا «٢» هذا إشارة إلى ما عهد إليهم من معصية الشيطان وطاعة الرحمن، إذا لا صراط أقوم منه، ونحو التنكير فيه ما في قول كثير:

لئن كان يهدى برد أنيابها العلا … لأفقر منى إنّنى لفقير «٣»

أراد: إننى لفقير بليغ الفقر، حقيق بأن أوصف به لكمال شرائطه فىّ، وإلا لم يستقم معنى البيت، وكذلك قوله هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ يريد: صراط بليغ في بابه، بليغ في استقامته، جامع لكل شرط يجب أن يكون عليه. ويجوز أن يراد: هذا بعض الصراط المستقيمة،


(١) . قوله «في حروف مضارعته الكسر» لعله مضارعه. (ع)
(٢) . قوله «ومنه قولهم دحا محا» أى: دعها معها. (ع)
(٣) .
دعوت إلهى دعوة ما جهلتها … وربى بما تخفى الصدور بصير
لئن كان يهدى برد أنيابها العلا … لأفقر منى إننى لفقير
فما أكثر الأخبار أن قد تزوجت … فهل يأتينى بالطلاق بشير
لكثير عزة. وقيل: لمجنون ليلى. وقوله «ما جهلتها» معناه: أنها عن قصد وحضور قلب. وقوله: لئن كان يهدى، بيان للدعوة، وما بينهما اعتراض للتأكيد وإفادة أن الدعوة كانت في السر، أى: لئن كان يعطى برد أسنانها العليا، خصها لأنها التي تبدو كثيرا. وقيل: العلا الشريفة، لأحوج منى إننى لبليغ في الفقر فأنا أحق بها من كل محتاج، لأنى أحوج الناس إليها. ويجوز أن يرد أنيابها: كناية عن ذاتها كلها، وإننى لفقير: خبر بمعنى الإنشاء مجازا مرسلا، لأن إظهار شدة الاحتياج يلزمه الطلب. ويجوز أنه كناية عنه وهو جواب القسم المدلول عليه باللام، وجواب الشرط محذوف وجوبا لدلالة المذكور عليه، وما تعجبية، وأكثر فعل تعجب، والأخبار مفعوله، وأن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، وهي على تقدير حرف الجر، أى: أتعجب من كثرة الأخبار المخبرة بزواجها، وهل استفهام بمعنى التمني أو التعجب مجازا مرسلا لعلاقة مطلق الطلب، أى: أتمني ذلك أو أتعجب من عدمه.