للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانظروا من أخذها، فوجدوها محزومة على يوسف، فقالت: إنه لي سلم أفعل به ما شئت، فخلاه يعقوب عندها حتى ماتت فَأَسَرَّها إضمار على شريطة التفسير، تفسيره أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وإنما أنث لأنّ قوله أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً جملة أو كلمة، على تسميتهم الطائفة من الكلام كلمة، كأنه قيل: فأسرّ الجملة أو الكلمة التي هي قوله أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً والمعنى: قال في نفسه:

أنتم شر مكاناً، لأنّ قوله قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً بدل من أسرَّها. وفي قراءة ابن مسعود: فأسرَّه، على التذكير، يريد القول أو الكلام. ومعنى شَرٌّ مَكاناً أنتم شر منزلة في السرق، لأنكم سارقون بالصحة، لسرقتكم أحاكم من أبيكم وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ يعلم أنه لم يصح لي ولا لأخى سرقة، وليس الأمر كما تصفون.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٧٨]]

قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨)

استعطفوه بإذكارهم إياه حق أبيهم يعقوب، وأنه شيخ كبير السنّ أو كبير القدر، وأنّ بنيامين أحب إليه منهم، وكانوا قد أخبروه بأن ولداً له قد هلك وهو عليه ثكلان، «١» وأنه مستأنس بأخيه فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ فخذه بدله على وجه الاسترهان أو الاستعباد إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ إلينا فأتمم إحسانك. أو من عادتك الإحسان فاجْرِ على عادتك ولا تغيرها.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٧٩]]

قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ (٧٩)

مَعاذَ اللَّهِ هو كلام موجه، ظاهره: أنه وجب على قضية فتواكم أخذ من وجد الصواع في رحله واستعباده، فلو أخذنا غيره كان ذلك ظلماً في مذهبكم، فلم تطلبون ما عرفتم أنه ظلم، وباطنه: إنّ الله أمرنى وأوحى إلىّ بأخذ بنيامين واحتباسه لمصلحة أو لمصالح جمة علمها في ذلك، فلو أخذت غير من أمرنى بأخذه كنت ظالماً وعاملا على خلاف الوحى. ومعنى مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ نعوذ بالله معاذاً من أن نأخذ، فأضيف المصدر إلى المفعول به وحذف من. وإِذاً جواب لهم وجزاء، «٢» لأن المعنى: إن أخذنا بدله ظلمنا.


(١) . قوله «قد هلك وهو عليه ثكلان» أى حزين أسيف على فقد ولده. (ع)
(٢) . قوله «وإذاً جواب لهم وجزاء» أى لقولهم فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ. (ع)