للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّه عليه وسلم فأتاه من الجانب الأيمن فقال مثله فأعرض عنه، ثم أتاه من الجانب الأيسر فأعرض عنه فقال: هاتها مغضبا، فأخذها فخذفه بها خذفا لو أصابه لشجه أو عقره، ثم قال: «يجيء أحدكم بماله كله يتصدّق به ويجلس يتكفف الناس! إنما الصدقة عن ظهر غنى «١» » فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ إمّا أن يتعلق بتتفكرون، فيكون المعنى: لعلكم تتفكرون فيما يتعلق بالدارين فتأخذون بما هو أصلح لكم كما بينت لكم أنّ العفو أصلح من الجهد في النفقة، وتتفكرون في الدارين فتؤثرون أبقاهما وأكثرهما منافع. ويجوز أن يكون إشارة إلى قوله: (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) لتتفكروا «٢» في عقاب الإثم في الآخرة والنفع في الدنيا. حتى لا تختاروا النفع العاجل على النجاة من العقاب العظيم. وإمّا أن يتعلق بيبين على معنى: يبين لكم الآيات في أمر الدارين وفيما يتعلق بهما لعلكم تتفكرون، لما نزلت (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) اعتزلوا اليتامى وتحاموهم وتركوا مخالطتهم والقيام بأموالهم والاهتمام بمصالحهم، فشق ذلك عليهم وكاد يوقعهم في الحرج، فقيل إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ أى مداخلتهم على وجه الإصلاح لهم ولأموالهم خير من مجانبتهم وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ وتعاشروهم ولم تجانبوهم (فهم) فَإِخْوانُكُمْ في الدين، ومن حق الأخ أن يخالط أخاه، وقد حملت المخالطة على المصاهرة وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ أى لا يخفى على اللَّه من داخلهم بإفساد وإصلاح فيجازيه على حسب مداخلته، فاحذروه ولا تتحروا غير الإصلاح وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ لحملكم على العنت وهو المشقة وأحرجكم فلم يطلق لكم مداخلتهم. وقرأ طاوس: قل إصلاح إليهم. ومعناه إيصال الصلاح وقرئ: لعنتكم، بطرح الهمزة وإلقاء حركتها على اللام، وكذلك (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) «٣» . إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب يقدر على أن يعنت عباده ويحرجهم ولكنه حَكِيمٌ لا يكلف إلا ما تتسع فيه طاقتهم.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٢١]]

وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)


(١) . أخرجه أبو داود وابن حبان والبزار، والدارمي، وأبو يعلى، وابن أبى شيبة، وعبد بن حميد، وإسحاق في مسانيدهم: كلهم من رواية محمود بن لبيد عن جابر. ورواه ابن سعد في ترجمة أبى حصين السلمى من رواية عمر ابن الحكم بن ثوبان عن جابر، قال «قدم أبو حصين السلمى بذهب أصابه من معدنهم فقضى منه دينا كان عليه» فذكر الحديث مثل سياق أبى داود. وفي إسناده الواقدي.
(٢) . قوله «أكبر من نفعهما لتتفكروا» لعله فيكون المعنى: لتتفكروا. (ع)
(٣) . قوله «وكذلك فلا إثم عليه» لعله: كذلك في طرح الهمزة، لا في نقل الحركة، وتطرح ألف المد لالتقاء الساكنين. فليحرر. (ع)