من الميت ويخرج الميت من الحي، ويشفى سقيما ويسقم سليما، ويبتلى معافا ويعافى مبتلى، ويعز ذليلا ويذل عزيزا ويفقر غنيا ويغنى فقيرا، فقال الأمير: أحسنت وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة فقال: يا مولاي هذا من شأن الله. وعن عبد الله بن طاهر أنه دعا الحسين ابن الفضل وقال له: أشكلت على ثلاث آيات، دعوتك لتكشفها لي: قوله تعالى فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ وقد صحّ أنّ الندم توبة وقوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وقد صح أنّ القلم قد جف بما هو كائن إلى يوم القيامة. وقوله تعالى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى فما بال الأضعاف؟
فقال الحسين: يجوز أن لا يكون الندم توبة في تلك الأمّة. ويكون توبة في هذه الأمّة، لأنّ الله تعالى خص هذه الأمّة بخصائص لم يشاركهم فيها الأمم، وقيل إن ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل، ولكن على حمله، وأما قوله وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى فمعناه: ليس له إلا ما سعى عدلا، ولى أن أجزيه بواحدة ألفا فضلا، وأما قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فإنها شئون يبديها لا شئون يبتدئها: فقام عبد الله وقبل رأسه وسوّغ خراجه،
سَنَفْرُغُ لَكُمْ مستعار من قول الرجل لمن يتهدده: سأفرغ لك، يريد: سأتحرّد للإيقاع بك من كل ما يشغلني عنك، حتى لا يكون لي شغل سواه، والمراد: التوفر على النكاية فيه والانتقام منه، ويجوز أن يراد: ستنتهى الدنيا وتبلغ آخرها، وتنتهي عند ذلك شئون الخلق التي أرادها بقوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فلا يبقى إلا شأن واحد وهو جزاؤكم، فجعل ذلك فراغا لهم على طريق المثل، وقرئ: سيفرغ لكم، أى: الله تعالى، وسأفرغ لكم، وسنغفر بالنون مفتوحا ومكسورا وفتح الراء، وسيفرغ بالياء مفتوحا ومضموما مع فتح الراء، وفي قراءة أبىّ، سنفرغ إليكم، بمعنى: سنقصد إليكم، والثقلان: الإنس والجن، سميا بذلك لأنهما ثقلا الأرض،
يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ كالترجمة لقوله: أيها الثقلان إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أن تهربوا من قضائي وتخرجوا من ملكوتي ومن سمائي وأرضى، فافعلوا، ثم قال: لا تقدرون على