(٢) . قال محمود: «إن قلت الاذاقة واللباس استعارتان فما وجه صحة إيقاع الاذاقة على اللباس … الخ» ؟ قال أحمد: وهذا الفصل من كلامه يستحق على علماء البيان أن يكتبوه بذوب التبر لا بالحبر، وقد نظر إليهما جميعاً في قوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ فاستعير الشراء لاختيارهم الضلالة على الهدى، وقد كانوا متمكنين من اختياره عليها، ثم جاء ملاحظا الشراء المستعار قوله فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ فاستعمل التجارة والربح ليناسب ذلك لاستعارة الشراء، ثم جاء ملاحظا الحقيقة الأصلية المستعار لها قوله وَما كانُوا مُهْتَدِينَ فانه مجرد عن الاستعارة، إذ لو قيل أولئك الذين ضلوا وما كانوا مهتدين، لكان الكلام حقيقة معرى عن ثوب الاستعارة والنظر إلى المستعار في بابه، كترشيح المجاز في بابه. ومنه: إذا الشيطان قصع في قفاها … تنفقناه بالحبل التؤام فجعل الشيطان في قفاها قاصعاً ثم نافقاً، ثم جعله مستخرجا بالحبل المحكم المثنى كما يستخرج الحيوان من جحره، والشوط في هذا الفن البديع فطين، والله الموفق.