الشمس: لأن المنافع التي تتعلق به متكاثرة، ليس التصرف في المعاش وحده، والظلام ليس بتلك المنزلة، ومن ثمة قرن بالضياء أَفَلا تَسْمَعُونَ لأنّ السمع يدرك ما لا يدركه البصر من ذكر منافعه ووصف فوائده، وقرن بالليل أَفَلا تُبْصِرُونَ لأنّ غيرك يبصر من منفعة الظلام ما تبصره. وأنت من السكون ونحوه وَمِنْ رَحْمَتِهِ زاوج بين الليل والنهار لأغراض ثلاثة:
لتسكنوا في أحدهما وهو الليل، ولتبتغوا من فضل الله في الآخر وهو النهار ولإرادة شكركم.
[[سورة القصص (٢٨) : آية ٧٤]]
وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤)
وقد سلكت بهذه الآية طريقة اللف في تكرير التوبيخ باتخاذ الشركاء: إيذان بأن لا شيء أجلب لغضب الله من الإشراك به، كما لا شيء أدخل في مرضاته من توحيده. اللهم فكما أدخلتنا في أهل توحيدك، فأدخلنا في الناجين من وعيدك.
[[سورة القصص (٢٨) : آية ٧٥]]
وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)
وَنَزَعْنا وأخرجنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً وهو نبيهم: لأن أنبياء الأمم شهداء عليهم، يشهدون بما كانوا عليه فَقُلْنا للأمة هاتُوا بُرْهانَكُمْ فيما كنتم عليه من الشرك ومخالفة الرسول فَعَلِمُوا حينئذ أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ ولرسوله، لا لهم ولشياطينهم وَضَلَّ عَنْهُمْ وغاب عنهم غيبة الشيء الضائع ما كانُوا يَفْتَرُونَ من الكذب والباطل.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٧٦ الى ٧٧]
إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧)
قارُونَ اسم أعجمى مثل هرون، ولم ينصرف للعجمة والتعريف، ولو كان فاعولا من قرن لانصرف. وقيل: معنى كونه من قومه أنه آمن به. وقيل، كان إسرائيليا ابن عم موسى:
هو قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب. وموسى بن عمران بن قاهث. وقيل: كان موسى ابن أخيه، وكان يسمى المنور لحسن صورته، وكان أقرأ بنى إسرائيل للتوراة، ولكنه