لولا مراقبة العيون أريننا … مقل المها وسوالف الآرام هل ينهينك أن قتلن مرقشا … أو ما فعلن بعروة بن حزام ذم المنازل بعد منزلة اللوى … والعيش بعد أولئك الأيام لجرير بن عطية يخاطب نفسه على طريق التجريد، يقول: لولا مراقبة النساء للعيون، أى الرقباء المتطلعين علينا، لبرزن لنا وأريننا عيونهن التي هي كعيون بقر الوحش، فمقل المها: استعارة مصرحة، وكذلك سوالف الآرام. والسالفة: مقدم العنق وصفحته. والآرام: جمع رئم بالكسر والهمز، وهو الغزال الأبيض، وأصله «أرآم» بهمز ممدود بعد الراء وزن أحمال، فقلب إلى ما قبلها. ويجوز أنه جمع ريم بالفتح وهو الغزال الأبيض، فهمز وقلب. وهل بمعنى قد. أو للتقرير. أى: أنه ينهاك عنهن مقتلهن مرقشا العاشق المشهور. أو فعلهن بعروة العاشق أيضا. وذم: فعل أمر، كأنه نذكر محبوبته في تلك الديار وتلك الأيام، فقال: ذم المنازل كلها حال كونها بعد، أى: غير منزلة اللوى. أو بعد مجاوزتك منزلة اللوى بلازم. واللوى: موضع بعينه من الرمل الملتوى، وذم الحياة كلها بعد حياتنا في تلك الأيام، أو ذم مدة الحياة كلها بعد تلك الأيام السابقة، وأشار لها بما للعقلاء لعظمتها عنده، ولأن تخصصه بالعقلاء طارئ في الاستعمال كما قيل ويجوز أن بعد ظرف المنازل والعيش وبعض النحاة جعل «ذم» مبنيا للمجهول، وما بعده مرفوع به على النيابة. (٢) . قال محمود: «معناه لن تجعل فيها خرقا … الخ» قال أحمد: وفي هذا التهكم والتقريع لمن يعتاد هذه المشية كفاية في الانزجار عنها، ولقد حفظ الله عوام زماننا عن هذه المشية، وتورط فيها قراؤنا وفقهاؤنا، بينا أحدهم قد عرف مسألتين أو أجلس بين يديه طالبين، أو شدا طرفا من رياسة الدنيا، إذ هو يتبختر في مشيه ويترجع، ولا يرى أنه يطاول الجبال، ولكن يحك بيافوخه عنان السماء، كأنهم يمرون عليها وهم عنها معرضون، وماذا يفيده أن يقرأ القرآن أو يقرأ عليه، وقلبه عن تدبره على مراحل، والله ولى التوفيق.