يريد بالهدى جميع ما آتاه في باب الدين من المعجزات والتوراة والشرائع وَأَوْرَثْنا وتركنا على بنى إسرائيل من بعده الْكِتابَ أى التوراة هُدىً وَذِكْرى إرشادا وتذكرة، وانتصابهما على المفعول له أو على الحال. وأولو الألباب: المؤمنون به العاملون بما فيه.
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ يعنى أنّ نصرة الرسل في ضمان الله، وضمان الله لا يخلف، واستشهد بموسى وما آتاه من أسباب الهدى والنصرة على فرعون وجنوده، وإبقاء آثار هداه في بنى إسرائيل، والله ناصرك كما نصرهم، ومظهرك على الدين كله، ومبلغ ملك أمّتك مشارق الأرض ومغاربها، فاصبر على ما يجرّعك قومك من الغصص، فإن العاقبة لك وما سبق به وعدى من نصرتك وإعلاء كلمتك حق، وأقبل على التقوى واستدرك الفرطات بالاستغفار، ودم على عبادة ربك والثناء عليه بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ وقيل: هما صلاتا العصر والفجر.
إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ إلا تكبر وتعظم، وهو إرادة التقدّم والرياسة، وأن لا يكون أحد فوقهم، ولذلك عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدّمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك، لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة. أو إرادة أن تكون لهم النبوّة دونك حسدا وبغيا. ويدل عليه قوله تعالى لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ أو إرادة دفع الآيات بالجدال ما هُمْ بِبالِغِيهِ أى ببالغي موجب الكبر ومقتضية، وهو متعلق إرادتهم من الرياسة أو النبوّة أو دفع الآيات.
وقيل: المجادلون هم اليهود، وكانوا يقولون: يخرج صاحبنا المسيح بن داود، يريدون الدّجال، ويبلغ سلطانه البر والبحر، وتسير معه الأنهار، وهو آية من آيات الله فيرجع إلينا الملك، فسمى الله تمنيهم ذلك كبرا، ونفى أن يبلغوا متمناهم فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ فالتجئ إليه من كيد من