رآني على ما بي عميلة فاشتكى … إلى ماله حالى فواسى وما هجر ولما رأى المجد استعيرت ثيابه … تردى رداء سابغ الذيل واتزر غلام رماه الله بالحسن يافعا … له سيمياء لا تشق على البصر كأن الثريا علقت فوق نحره … وفي أنفه الشعرا وفي خده القمر لأسيد بن عنقاء الفزاري، كان من أكبر أهل زمانه وأعلمهم بالأدب، فطال به عمره ونكبه دهره، فلقيه عميلة الفزاري فسلم عليه وقال: ما أصارك يا عم إلى ما أرى؟ فقال: يخل مثلك بماله، وصون وجهى عن مسألة الناس. فقال: لئن بقيت إلى غد لأغيرن ما بك، فلما كان وقت السحر سمع رغاء الإبل وصهيل الخيل تحت الأموال. فقال: ما هذا؟ قالوا عميلة شطر ماله بينك وبينه، فأنشأ يقول ذلك، وشبه ماله بعاقر على طريق المكنية. والشكوى إليه تخييل. وضمير: واسى، بمعنى أعطى لعميلة. ويجوز أنه للمال، بناء على التشبيه السابق. وثياب المجد مجاز عن المكارم والإحسان على طريق التصريح، واستعارتها ترشيح. ومعناه أخذها من أربابها وذهابها من أصحابها، وذلك كله كناية عن يخل ذوى الأموال. وسابغ الذيل: طويله. واتزر: لبس الإزار. ويقرأ بتشديد التاء. ويجوز فتحها مع همرة ساكنة قبلها على الأصل والمجاز كما تقدم. وذلك كناية عن كثرة جوده. ويجوز أن المعنى لما رأى الناس تفتخر بمفاخر غيرهم فقط صنع هو المكارم بنفسه لنفسه، ورماه الله بالحسن: وضعه فيه بكثرة، كأنه قذفه فيه بغير حساب. واليافع: الشاب وهو حال. والسيمياء: العلامة لا تشق على البصر كناية عن ظهورها فلا تحتاج إلى تأمل، كظهور الكواكب. والنحر: أعلى الصدر وأسفل العنق. والشعرا: نجم كثير الضوء. والبيت الثاني بيان للأول. وروى «حباء الله» وروى «علقت في جبينه» وروى: «وفي جيده القمر» وحباه: أعطاه. والجيد: العنق، وهذه الرواية أقعد.