أى حصل فيه الحسن ووضعه فيه، والضمائر كلها راجعة إلى موسى. ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت: فيه هجنة، لما يؤدى إليه من تنافر النظم. فإن قلت: المقذوف في البحر هو التابوت، وكذلك الملقى إلى الساحل. قلت: ما ضرك لو قلت: المقذوف والملقى هو موسى في جوف التابوت، حتى لا تفرق الضمائر فيتنافر عليك النظم الذي هو أم إعجاز القرآن. والقانون الذي وقع عليه التحدّى، ومراعاته أهم ما يجب على المفسر. لما كانت مشيئة الله تعالى وإرادته أن لا تخطئ جرية ماء اليم الوصول به إلى الساحل وألقاه إليه، سلك في ذلك سبيل المجاز، وجعل اليم كأنه ذو تمييز، أمر بذلك ليطيع الأمر ويمتثل رسمه، فقيل فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ روى أنها جعلت في التابوت قطنا محلوجا، فوضعته فيه وجصصته وقيرته، ثم ألقته في اليم وكان يشرع منه إلى بستان فرعون تهر كبير، فبينا هو جالس على رأس بركة مع آسية إذا بالتابوت، فأمر به فأخرج ففتح، فإذا صبى أصبح الناس وجها، فأحبه عدوّ الله حبا شديدا لا يتمالك أن يصبر عنه. وظاهر اللفظ أنّ البحر ألقاه بساحله وهو شاطئه، لأنّ الماء يسحله أى يقشره وقذف به ثمة فالتقط من الساحل، إلا أن يكون قد ألقاه اليم بموضع من الساحل فيه فوهة نهر فرعون، ثم أداه النهر إلى حيث البركة مِنِّي لا يخلو إما أن يتعلق بألقيت، فيكون المعنى على: أنى أحببتك ومن أحبه الله أحبته القلوب. وإما أن يتعلق بمحذوف هو صفة لمحبة، أى: محبة حاصلة أو واقعة منى، قد ركزتها أنا في القلوب وزرعتها فيها، فلذلك أحبك فرعون وكل من أبصرك.
روى أنه كانت على وجهه مسحة جمال، وفي عينيه ملاحة، لا يكاد يصير عنه من رآه عَلى عَيْنِي لتربى ويحسن إليك وأنا مراعيك وراقبك، كما يراعى الرجل الشيء بعينيه إذا اعتنى به، وتقول للصانع: اصنع هذا على عينى أنظر إليك لئلا تخالف به عن مرادى وبغيتي. ولتصنع:
معطوف على علة مضمرة، مثل: ليتعطف عليك وترأم «١» ونحوه. أو حذف معلله، أى: