للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الفصال وتشاورهما: أمّا الأب فلا كلام فيه، وأمّا الأمّ فلأنها أحق بالتربية وهي أعلم بحال الصبى. وقرئ (فإن أراد) . استرضع: منقول من أرضع. يقال: أرضعت المرأة الصبى، واسترضعتها الصبى، لتعديه إلى مفعولين، كما تقول: أنجح الحاجة، واستنجحته الحاجة. والمعنى:

أن تسترضعوا المراضع أولادكم، فحذف أحد المفعولين للاستغناء عنه، كما تقول: استنجحت الحاجة ولا تذكر من استنجحته، وكذلك حكم كل مفعولين لم يكن أحدهما عبارة عن الأوّل إِذا سَلَّمْتُمْ إلى المراضع ما آتَيْتُمْ ما أردتم إيتاءه، كقوله تعالى: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) وقرئ: ما أتيتم، من أتى إليه إحساناً إذا فعله. ومنه قوله تعالى: (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) أى مفعولا. وروى شيبان عن عاصم: ما أوتيتم، أى ما آتاكم اللَّه وأقدركم عليه من الأجرة، ونحوه (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) وليس التسليم بشرط للجواز والصحة، وإنما هو ندب إلى الأولى. ويجوز أن يكون بعثاً على أن يكون الشيء الذي تعطاه المرضع من أهنى ما يكون، لتكون طيبة النفس راضية، فيعود ذلك إصلاحاً لشأن الصبى واحتياطاً في أمره، فأمرنا بإيتائه ناجزاً يداً بيد، كأنه قيل: إذا أدّيتم إليهن يداً بيد ما أعطيتموهن بِالْمَعْرُوفِ متعلق بسلمتم، أمروا أن يكونوا عند تسليم الأجرة مستبشرى الوجوه، ناطقين بالقول الجميل، مطيبين لأنفس المراضع بما أمكن، حتى يؤمن تفريطهن بقطع معاذيرهن.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٣٤ الى ٢٣٥]

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤) وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ على تقدير حذف المضاف، أراد: وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن. وقيل: معناه يتربصن بعدهم، كقولهم: السمن منوان بدرهم. وقرئ: يَتوفون بفتح الياء «١»


(١) . قال محمود رحمه اللَّه: «قرأها علي رضى اللَّه عنه بفتح الياء … الخ» ، قال أحمد رحمه اللَّه: ولعل السائل لأبى الأسود كان ممن يفهم عنه أنه لا فرق عنده بين الكسر والفتح وهو الظاهر، وعلى ذلك أجابه أبو الأسود، فلا تناقض حينئذ.