للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى صفتها هذه، وهي قوله فِيها أَنْهارٌ. زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ أى زينه الشيطان، أو الله عزّ وعلا على قوله زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ ويدل عليه قوله وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها يعنى: وكما جعلنا في مكة صناديدها ليمكروا فيها، كذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها لذلك. ومعناه: خليناهم ليمكروا «١» وما كففناهم عن المكر، وخص الأكابر لأنهم هم الحاملون على الضلال والماكرون بالناس، كقوله أَمَرْنا مُتْرَفِيها

وقرئ: أكبر مجرميها، على قولك: هم اكبر قومهم، وأكابر قومهم وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ لأنّ مكرهم يحيق بهم.

وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتقديم موعد بالنصرة عليهم. روى أن الوليدين المغيرة قال: لو كانت النبوّة حقاً لكنت أولى بها منك، لأنى أكبر منك سناً وأكثر منك مالا.

وروى أن أبا جهل قال: زاحمنا بنى عبد مناف في الشرف، حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا:

منا نبىّ يوحى إليه، والله لا نرضى به ولا نتبعه أبداً إلا أن يأتينا وحى كما يأتيه، فنزلت.

ونحوها قوله تعالى بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٤]]

وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤)

اللَّهُ أَعْلَمُ كلام مستأنف للإنكار عليهم، وأن لا يصطفى للنبوّة إلا من علم أنه يصلح لها وهو أعلم بالمكان الذي يضعها فيه منهم سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا من أكابرها صَغارٌ وقماءة «٢» بعد كبرهم وعظمتهم وَعَذابٌ شَدِيدٌ في الدارين من الأسر والقتل وعذاب النار.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٢٥ الى ١٢٧]

فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧)


(١) . قوله «ومعناه خليناهم ليمكروا» أو له بذلك لأنه تعالى لا يخلق الشر عند المعتزلة ويخلقه كالخير عند أهل السنة، وكذا قوله تعالى وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ … الخ وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً. (ع)
(٢) . قوله و «قماءة» أى ذل، (ع)