للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سام بن نوح وهم ينظرون، فقالوا هذا سحر فأرنا آية: فقال يا فلان أكلت كذا، ويا فلان خبئ لك كذا. وقرئ تذخرون، بالذال والتخفيف وَلِأُحِلَّ ردّ على قوله: (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أى جئتكم بآية من ربكم، ولأحل لكم ويجوز أن يكون (مُصَدِّقاً) مردودا عليه أيضا، أى جئتكم بآية وجئتكم مصدقا. وما حرم اللَّه عليهم في شريعة موسى: الشحوم والثروب «١» ولحوم الإبل، والسمك، وكل ذى ظفر، فأحل لهم عيسى بعض ذلك. وقيل: أحل لهم من السمك والطير ما لا صيصية «٢» له. واختلفوا في إحلاله لهم السبت. وقرئ (حرم عليكم) على تسمية الفاعل، وهو ما بين يدىّ من التوراة، أو اللَّه عزّ وجلّ، أو موسى عليه السلام لأن ذكر التوراة دل عليه، ولأنه كان معلوما عندهم. وقرئ: حرم، بوزن كرم وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ شاهدة على صحة رسالتي وهي قوله إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ لأنّ جميع الرسل كانوا على هذا القول لم يختلفوا فيه: وقرئ بالفتح على البدل من (بِآيَةٍ) . وقوله فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ اعتراض، فإن قلت: كيف جعل هذا القول آية من ربه؟ قلت لأنّ اللَّه تعالى جعله له علامة يعرف منها أنه رسول كسائر الرسل، حيث هداه للنظر في أدلة العقل والاستدلال. ويجوز أن يكون تكريراً لقوله: (جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أى جئتكم بآية بعد أخرى مما ذكرت لكم، من خلق الطير، والإبراء، والإحياء، والإنباء بالخفايا، وبغيره من ولادتي بغير أب، ومن كلامى في المهد، ومن سائر ذلك. وقرأ عبد اللَّه. وجئتكم بآيات من ربكم، فاتقوا اللَّه لما جئتكم به من الآيات، وأطيعونى فيما أدعوكم إليه. ثم ابتدأ فقال: إن اللَّه ربى وربكم. ومعنى قراءة من فتح:

ولأنّ اللَّه ربى وربكم فاعبدوه، كقوله: (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ.....) َلْيَعْبُدُوا)

ويجوز أن يكون المعنى: وجئتكم بآية على أن اللَّه ربى وربكم وما بينهما اعتراض.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٥٢ الى ٥٤]

فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤)

فَلَمَّا أَحَسَّ فلما علم منهم الْكُفْرَ علما لا شبهة فيه كعلم ما يدرك بالحواس. وإِلَى اللَّهِ


(١) . قوله «الثروب» الشحوم الرقيقة التي تغشى الكرش والأمعاء. أفاده الصحاح. (ع)
(٢) . قوله «ما لا صيصية له» الصيصية شوكة كالتي في رجل الديك. أفاده الصحاح. (ع)