وهذه تؤيد قراءة ابن مروان هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ بالنصب. وقد قال سيبويه فيها: احتبى ابن مروان في لحنه، أى تمكن. وحيث تأيدت بقراءة أمير المؤمنين كرم الله وجهه، فلا بد من التماس المحمل الصحيح لها وليس ذلك ببعيد إن شاء الله فنقول: لو قالوا «ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن نحن» على طريقة: أنا أبو النجم وشعري شعري ونحو: أنا أنا وأنت أنت. لم يكن في فصاحته مقال: وقد علمت أن معنى أنا أنا: أى أنا الموصوف بالأوصاف الشهيرة التي استغنى عن ذكرها، فلا بعد والحالة هذه في حذف الخبر، لمساواته المبتدأ وعدم زيادته عليه لفظا، وراحة من تكرار اللفظ بعينه، والسياق يرشد إلى المحذوف، وإذا كان كذلك فقول القائلين لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ معناه: ونحن نحن، ولكن استغنوا عن الخبر للسر الذي ذكرناه، فقولهم: نَحْنُ كلام تام بالتقدير بالمذكور، فلا غرو في وقوع الحال بعده، وهذا بعينه يجرى في قوله هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فقوله هُنَّ في حكم الكلام التام. والمراد: هؤلاء بناتي هن المشهورات بالأوصاف الحميدة الظاهرة. وأصل الكلام: هن هن، فوقع الحال بعد التمام، والله أعلم.