للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راحلين مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين، فاختلف المسلمون فيهم، فقال بعضهم: هم كفار. وقال بعضهم: هم مسلمون. وقيل: كانوا قوما هاجروا من مكة، ثم بدا لهم فرجعوا وكتبوا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: إنا على دينك وما أخرجنا إلا اجتواء المدينة والاشتياق إلى بلدنا. وقيل.

هم قوم خرجوا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوم أحد ثم رجعوا. وقيل: هم العرنيون الذين أغاروا على السرح وقتلوا بساراً. وقيل هم قوم أظهروا الإسلام وقعدوا عن الهجرة. ومعناه:

ما لكم اختلفتم في شأن قوم نافقوا نفاقا ظاهراً وتفرقتم فيه فرقتين وما لكم لم تبتوا القول بكفرهم وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ أى ردهم في حكم المشركين كما كانوا بِما كَسَبُوا من ارتدادهم ولحوقهم بالمشركين واحتيالهم على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. أو أركسهم في الكفر بأن خذلهم حتى أركسوا فيه، لما علم من مرض قلوبهم أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا أن تجعلوا من جملة المهتدين مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ من جعله «١» من جملة الضلال، وحكم عليه بذلك أو خذله حتى ضلّ. وقرئ: ركسهم. وركسوا فيها.

[سورة النساء (٤) : الآيات ٨٩ الى ٩١]

وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (٩٠) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (٩١)

فَتَكُونُونَ عطف على: (تَكْفُرُونَ) ولو نصب على جواب التمني لجاز. والمعنى: ودّوا


(١) . قال محمود: «معناه من جعله … الخ» قال أحمد: هو بهذين الوجهين يفر من الحق والحقيقة. أما الحق، فلأن اللَّه هو الذي خلق الضلال لمن ضل إذ لا خالق إلا اللَّه. وأما الحقيقة، فلأنها- أعنى الآية- اقتضت نسبة الأصل إلى فعل اللَّه تعالى، فالتخيل في تحريف الفاعلية إلى التسبيب عدول عن الحقيقة إلى المجاز. وقد علمت الباعث له على هذا المعتقد فلا نعيده.