وأما الاحتراز به عن المأذون له فيبنى على القول بأن المراد بعدم القدرة عدم المكنة من التصرف، وإن لم يكن المأذون له مالكا عند هذا القائل. وهذا بعيد عن مطابقة قوله وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فإنها توجب أن يكون المراد بقوله لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ لا يملك شيئاً من الرزق، كما تقول في الحر المفلس: فلان لا يقدر على شيء، أى لا يملك شيئاً يقدر على التصرف فيه. فتلخص من هذا البحث أن في الآية مجالا لنصرة مذهب مالك، وإن كان لقائل أن يقول: هذه الصفة لازمة كالإيضاح لفائدة ضرب المثل بالمملوك، كأنه قيل: وإنما ضربنا المثل بالمملوك، لأن صفته اللازمة له وسمته المعروفة به، أنه لا يقدر على شيء. أى لا يصح منه ملك، وكثيراً ما يجيء الحال والصفة لا يقصد بواحد منهما تقييده ولا تخصيص، ولكن إيضاح وتفسير. ومن ذلك قوله تعالى وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فقوله لا برهان له به. لا يقصد به تمييز له سوى اللَّهُ من «إله» لأن كل مدعو إلها غير الله تعالى، لا برهان به. وإنما أريد أن عدم البرهان من لوازم دعاء إله غير الله تعالى، فهذا أقصى ما يمكن أن ينتصر به للقائل بعدم صحة ملك العبد. ولنا أن نقول في دفعه أن الأصل في الصفة والحال وشبههما التخصيص والتقييد. وأما الوارد من ذلك لازما فنادر على خلاف الأصل، والله الموفق. [.....]