للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُكُمْ شرفكم وصيتكم، كما قال وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ أو موعظتكم. أو فيه مكارم الأخلاق التي كنتم تطلبون بها الثناء أو حسن الذكر «١» ، كحسن الجوار، والوفاء بالعهد، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، والسخاء، وما أشبه ذلك،

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١١ الى ١٥]

وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥)

وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ واردة عن غضب شديد ومنادية على سخط عظيم، لأنّ القصم أفظع الكسر وهو الكسر الذي يبين تلاؤم الأجزاء، بخلاف الفصم. وأراد بالقرية: أهلها، ولذلك وصفها بالظلم. وقال قَوْماً آخَرِينَ لأن المعنى: أهلكنا قوما وأنشأنا قوما آخرين. وعن ابن عباس: أنها «حضور» وهي و «سحول» قريتان باليمن، تنسب إليهما الثياب. وفي الحديث «كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين سحوليين «٢» » وروى «حضوريين «٣» » بعث الله إليهم نبيا فقتلوه، فسلط الله عليهم بخت نصر كما سلطه على أهل بيت المقدس فاستأصلهم. وروى: أنهم لما أخذتهم السيوف ونادى مناد من السماء يا لثارات الأنبياء، ندموا واعترفوا بالخطإ، وذلك حين لم ينفعهم الندم. وظاهر الاية على الكثرة. ولعل ابن عباس ذكر «حضور» بأنها إحدى القرى التي أرادها الله بهذه الآية. فلما علموا شدّة عذابنا وبطشتنا علم حسّ ومشاهدة، لم يشكوا فيها، ركضوا من ديارهم. والركض: ضرب الدابة بالرجل. ومنه قوله تعالى ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فيجوز أن يركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين من قريتهم لما أدركتهم مقدمة العذاب.

ويجوز أن يشبهوا في سرعة عدوهم على أرجلهم بالراكبين الراكضين لدوابهم، فقيل لهم.

لا تَرْكُضُوا والقول محذوف. فإن قلت: من القائل؟ قلت يحتمل أن يكون بعض الملائكة


(١) . قوله «تطلبون بها الثناء أو حسن الذكر» لعله «وحسن الذكر» بالواو فقط. (ع)
(٢) . متفق عليه عن عائشة بلفظ «كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب سحولية» .
(٣) . أخرجه الدارقطني في العلل من حديث ابن عمر رضى الله عنهما، بلفظ «ثلاثة أثواب: ثوبين حضوريين وثوب حبرة» وقال: تفرد به محمد بن إسحاق الصاغاني عن ابن الحوأب عن الثوري عن عاصم بن عبد الله عن سالم عن أبيه بهذا.
«فائدة» «حضور» بفتح المهملة وضم المعجمة: قرية بصنعاء قريبة من قرية عبد الرزاق.