للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو أن تعرّضوا ولا تصرحوا. فإن قلت: بم يتعلق حرف الاستثناء؟ قلت: بلا تواعدوهنّ، أى لا تواعدوهنّ مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة. أى لا تواعدوهنّ إلا بأن تقولوا، أى لا تواعدوهنّ إلا بالتعريض. ولا يجوز أن يكون استثناء منقطعا من (سِرًّا) لأدائه إلى قولك لا تواعدوهنّ إلا التعريض. وقيل معناه: لا تواعدوهن جماعا، وهو أن يقول لها إن نكحتك كان كيت وكيت، يريد ما يجرى بينهما تحت اللحاف. إلا أن تقولوا قولا معروفا يعنى من غير رفث ولا إفحاش في الكلام. وقيل لا تواعدوهن سراً: أى في السر على أنّ المواعدة في السرّ عبارة عن المواعدة بما يستهجن، لأن مسارّتهنّ في الغالب بما يستحيا من المجاهرة به. وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً) ، هو أن يتواثقا أن لا تتزوّج غيره وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ من عزم الأمر وعزم عليه، وذكر العزم مبالغة في النهى عن عقدة النكاح في العدّة، لأن العزم على الفعل يتقدّمه، فإذا نهى عنه كان عن الفعل أنهى ومعناه:

ولا تعزموا عَقد عُقدة النكاح. وقيل: معناه ولا تقطعوا عقدة النكاح: وحقيقة العزم: القطع، بدليل قوله عليه السلام «لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل» وروى «لمن لم يبيت الصيام «١» » حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ يعنى ما كتب وما فرض من العدّة يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ من العزم على ما لا يجوز فَاحْذَرُوهُ ولا تعزموا عليه. غَفُورٌ حَلِيمٌ لا يعاجلكم بالعقوبة.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٣٦ الى ٢٣٧]

لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧)

لا جُناحَ عَلَيْكُمْ لا تبعة عليكم من إيجاب مهر إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ما لم تجامعوهنّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً إلا أن تفرضوا لهن فريضة، أو حتى تفرضوا، وفرض الفريضة: تسمية المهر. وذلك أن المطلقة غير المدخول بها إن سمى لها مهر فلها نصف المسمى، وإن لم يسم لها فليس لها نصف مهر المثل ولكن المتعة. والدليل على أن الجناح تبعة المهر قوله:


(١) . أخرجه أصحاب السنن من حديث حفصة بلفظ «لمن لم يجمع» وقوله: وروى «لمن لم يبيت» هي عند النسائي.