يُؤْتِي الْحِكْمَةَ يوفق للعلم والعمل به. والحكيم عند اللَّه: هو العالم العامل. وقرئ (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ بمعنى ومن يؤته اللَّه الحكمة. وهكذا قرأ الأعمش. وخَيْراً كَثِيراً تنكير تعظيم، كأنه قال: فقد أوتى أىّ خير كثير وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ يريد الحكماء العلام العمال. والمراد به الحثّ على العمل بما تضمنت الآي في معنى الإنفاق.
وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ في سبيل اللَّه، أو في سبيل الشيطان أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ في طاعة اللَّه، أو في معصيته فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ لا يخفى عليه وهو مجازيكم عليه وَما لِلظَّالِمِينَ الذين يمنعون الصدقات أو ينفقون أموالهم في المعاصي، أو لا يفون بالنذور، أو ينذرون في المعاصي مِنْ أَنْصارٍ ممن ينصرهم من اللَّه ويمنعهم من عقابه.
«ما» في: (نعما) نكرة غير موصولة ولا موصوفة. ومعنى فَنِعِمَّا هِيَ فنعم شيئا إبداؤها. وقرئ بكسر النون وفتحها وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ وتصيبوا بها مصارفها مع الإخفاء فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ فالإخفاء خير لكم. والمراد الصدقات المتطوّع بها، فإنّ الأفضل في الفرائض أن يجاهر بها. وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما:«صدقات السر في التطوّع تفضل علانيتها سبعين ضعفا، وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا»«١» وإنما كانت المجاهرة بالفرائض أفضل، لنفى التهمة، حتى إذا كان المزكى ممن لا يعرف باليسار كان إخفاؤه أفضل، والمتطوّع إن أراد أن يقتدى به كان إظهاره أفضل يُكَفِّرُ وقرئ بالنون مرفوعا عطفا على محل ما بعد الفاء، أو على أنه خبر مبتدإ محذوف، أى ونحن نكفر. أو على أنه جملة من فعل وفاعل مبتدأة، ومجزوما عطفا على محل الفاء وما بعده، لأنه جواب الشرط. وقرئ: ويكفر، بالياء مرفوعا، والفعل للَّه أو للإخفاء. وتكفر بالتاء، مرفوعا ومجزوما، والفعل للصدقات. وقرأ الحسن رضى اللَّه عنه بالياء والنصب بإضمار أن. ومعناه: إن تخفوها يكن خيراً لكم، وأن يكفر عنكم.
(١) . أخرجه الطبري من رواية ابن عباس، قال «جعل اللَّه صدقة السر التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفا وجعل صدقة الفريضة علانيتها تفضل سرها خمسة وعشرين ضعفا، وكذا جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها» .