للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو حفرة من حفر النار «١» . قلت: كلمة التوفية تزيل هذا الوهم لأن المعنى أن توفية الأجور وتكميلها «٢» يكون ذلك اليوم، وما يكون قبل ذلك فبعض الأجور. الزحزحة: التنحية والإبعاد تكرير الزح، وهو الجذب بعجلة فَقَدْ فازَ فقد حصل له الفوز المطلق المتناول لكل ما يفاز به ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط اللَّه والعذاب السرمد، ونيل رضوان اللَّه والنعيم المخلد. اللهم وفقنا لما ندرك به عندك الفوز في المآب. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو مؤمن باللَّه واليوم الآخر، ويأتى إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه «٣» » وهذا شامل للمحافظة على حقوق اللَّه وحقوق العباد. شبه الدنيا بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغرّ حتى يشتريه ثم يتبين له فساده ورداءته. والشيطان هو المدلس الغرور. وعن سعيد بن جبير: إنما هذا لمن آثرها على الآخرة فأما من طلب الآخرة بها فإنها متاع بلاغ، خوطب المؤمنون بذلك ليوطنوا أنفسهم على احتمال ما سيلقون من الأذى والشدائد والصبر عليها، حتى إذا لقوها لقوها وهم مستعدون لا يرهقهم ما يرهق من يصيبه الشدة بغتة فينكرها وتشمئز منها نفسه.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٨٦]]

لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦)

والبلاء في الأنفس: القتل والأسر والجراح وما يرد عليها من أنواع المخاوف والمصائب.

وفي الأموال: الإنفاق في سبيل الخير وما يقع فيها من الآفات. وما يسمعون من أهل الكتاب «٤» المطاعن في الدين الحنيف، وصدّ من أراد الإيمان، وتخطئة من آمن، وما كان من كعب بن الأشرف من هجائه لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وتحريض المشركين، ومن فنحاص،


(١) . أخرجه الترمذي من حديث أبى سعيد وهو ضعيف. ورواه الطبراني في الأوسط في ترجمة مسعود بن محمد الرملي بإسناده إلى أبى هريرة وقال: لم يروه عن الأوزاعى إلا أيوب بن سويد. تفرد به ولده محمد عنه. قلت:
وهو ضعيف.
(٢) . قال محمود: «لأن المعنى أن توفية الأجور وتكميلها يكون … الخ» قال أحمد: هذا كما ترى صريح في اعتقاده حصول بعضها قبل يوم القيامة، وهو المراد بما يكون في القبر من نعيم وعذاب. ولقد أحسن الزمخشري في مخالفة أصحابه في هذه العقيدة، فإنهم يجحدون عذاب القبر، وها هو قد اعترف به، واللَّه الموفق.
(٣) . أخرجه مسلم من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص في حديث طويل
(٤) . قوله «وما يسمعون من أهل الكتاب» بقي ما يسمعون من الذين أشركوا. (ع)