فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ نفعل بهم فعل الناسين الذين ينسون عبيدهم من الخير لا يذكرونهم به كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا كما فعلوا بلقائه فعل الناسين، فلم يخطروه ببالهم ولم يهتموا به.
فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ عالمين كيف نفصل أحكامه ومواعظه وقصصه وسائر معانيه، حتى جاء حكيما قيما غير ذى عوج. وقرأ ابن محيصن: فضلناه، بالضاد المعجمة. بمعنى فضلناه على جميع الكتب، عالمين أنه أهل للتفضيل عليها. وهُدىً وَرَحْمَةً حال من منصوب فضلناه، كما أن على علم حال من مرفوعه إِلَّا تَأْوِيلَهُ إلا عاقبة أمره وما يؤول إليه من تبين صدقه وظهور صحة ما نطق به من الوعد والوعيد قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ أى تبين وصحّ أنهم جاءوا بالحق نُرَدُّ جملة معطوفة على الجملة التي قبلها، داخلة معها في حكم الاستفهام، كأنه قيل: هل لنا من شفعاء، أو هل نردّ. ورافعه وقوعه موقعاً يصلح للاسم، كما تقول ابتداء: هل يضرب زيد؟
ولا يطلب له فعل آخر يعطف عليه. فلا يقدّر: هل يشفع لنا شافع أو نردّ. وقرأ ابن أبى إسحاق. أو نردّ، بالنصب عطفاً على فيشفعوا لنا. أو تكون «أو» بمعنى «حتى أنّ» أى يشفعوا لنا حتى نردّ فنعمل، وقرأ الحسن بنصب نُرَدُّ ورفع فَنَعْمَلَ بمعنى: فنحن نعمل.
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وقرئ يغشى بالتشديد، أى يلحق الليل النهار، والنهار بالليل يحتملهما جميعاً. والدليل على الثاني قراءة حميد بن قيس: يغشى الليل النهار، بفتح الياء ونصب الليل ورفع النهار، أى يدرك النهار الليل ويطلبه حثيثاً، حسن الملاءمة لقراءة حميد بِأَمْرِهِ بمشيئته وتصريفه، وهو متعلق بمسخرات أى خلقهنّ جاريات بمقتضى حكمته وتدبيره، وكما يريد أن يصرفها سمى ذلك أمرا على التشبيه، كأنهنّ مأمورات بذلك. وقرئ: والشمس والقمر