وقد سلف الكلام على هذه الآية في غير موضعها، لأن المصنف تعجل الكلام عليها قبل، والذي يريده الآن أن الإدراك عبارة عن الاحاطة، ومنه: حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ أى أحاط به، وإِنَّا لَمُدْرَكُونَ أى محاط بنا، فالمنفى إذاً عن الأبصار إحاطتها به عز وعلا لا مجرد الرؤية، ثم إما أن نقتصر على أن الآية لا تدل على مخالفتنا، أو تزيد فنقول، بدل لنا أن تخصيص الاحاطة بالنفي يشعر بطريق المفهوم بثبوت ما هو أدنى من ذلك، وأقله مجرد الرؤية، كما أنا نقول: لا تحيط به الأفهام وإن كانت المعرفة بمجردها حاصلة لكل مؤمن، فالاحاطة للعقل منفية كنفى الاحاطة للحس، وما دون الاحاطة من المعرفة للعقل والرؤية للحس ثابت غير منفي. ولم يذكر الزمخشري على إحالة الرؤية عقلا دليلا ولا شبهة فيحتاج إلى القدح فيه ثم معارضته بأدلة الجواز، ولكنه اقتصر على استبعاد أن يكون المرئي لا في جهه، فيقتصر معه على إلزامه استبعاد أن يكون الموجود لا في جهة إذ اتباع الرهم يبعدهما جميعاً، والانقياد إلى العقل يبطل هذا الوهم ويجيزهما معاً. وهذا القدر كاف بحسب ما أورده في هذا الوضع، والله الموفق. (٢) . قوله «لأنه متعال عن أن يكون مبصراً» استحالة الرؤية مذهب المعتزلة، لظاهر هذه الآية. وجوازها مذهب أهل السنة لقوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وكل يؤول مستند الآخر. وتحقيقه في التوحيد. (ع)