غداة طفت علماء بكر بن وائل … وعاجت صدور الخيل شطر تميم المراد بالغداة مطلق الزمن ليناسب المدح. طفت- بالفاء- علت وارتفعت. ويروى بالغين، والمراد: العلو أيضاً. وعلماء: أصله على الماء، والمراد: ارتفع قدرهم في العز والمجد وانخفض غيرهم، كما يرتفع الشيء على وجه الماء ويرسب الآخر. أو المعنى: أنهم طغوا بالغين على أطغى شيء كالماء، فالماء طاغ على الناس وهم طاغون عليه. وفيه دلالة على الشجاعة. وبكر بن وائل: اسم أبى قبيله سميت هي باسمه. والوائل: أصله السابق الملتجئ. وعاجت: أى أمالت صدور خيلها. وإيقاع الموج على الصدور، لأن السير والتحول من جهة إلى أخرى يظهران بها. وشطر: أى جهة قبيلة تميم. (٢) . وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة … عشية قارعنا جذام وحميرا فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه … ببعض أبت عيدانه أن تكسرا لزفر بن الحرث الكلابي من التابعين شهد وقعة صفين وغيرها. ويقال في المثل: ما كل بيضاء شحمة، ولا كل سوداء تمرة فما هنا تلميح له. والمراد بالعشية: مطلق الزمن لا آخر النهار فقط، لدلالة المقام على ذلك. والمقارعة: المضاربة بالرماح والسيوف. ويروى: ليالي لاقينا. وجذام: اسم قبيلة سميت به، وهي من اليمن كانت تنزل جبال حسمى، يقال: هي أول ما انحسر عنه الطوفان لارتفاعها. وحمير: أبو قبيلة أيضا سميت باسمه. ويروى: جذاما، بالتنوين للضرورة. والنبع: شجر تتخذ منه الرماح. يقول: كنا ظننا أنهم ضعفاء نظفر بهم كغيرهم، فقوله «كل بيضاء شحمة» استعارة تمثيلية لذلك. وعشية: نصب بحسبنا، فلما التقت الرماح بيننا أبت أن تتكسر. وشبهها بما يصح منه الاباء على طريق الكناية. وأبت تخييل، وبعد ذلك فهو كناية عن قوة القبيلتين وعدم انخذالهما. وقيل: إنه يصفهما بالكرم وحسن القرى. فيكون الكلام كله بما فيه من المجاز والكناية، منقول من هيئة التقاء الصفوف في الحرب إلى هيئة التقاء الضيفان مع المضياف وعدم عجزه عن قراهم على طريق التمثيل، لكن العشية على حقيقتها. ومع توجيهنا له بذلك، يبعده قوله «حسبنا كل بيضاء شحمة» وهو قول من لم يقف على بقية القصيدة، فإنها مصرحة بأن المعنى محاربتهم إياهم ومكافأتهم لهم. (٣) . إذا جاء يوما وارثي يبتغى الغنا … يجد جمع كف غير ملأى ولا صفر يجد فرسا مثل العنان وصار ما … حساما إذا ما هز لم يرض بالهبر وأسمر خطيا كأن كعوبه … نوى القسب قد أربى ذراعا على العشر لحاتم الطائي. والمراد باليوم: مطلق الزمن، بخلاف النهار فانه خاص بالمحدود الطرفين، وهكذا غالب استعمال العرب، والمراد بالغنى: التركة، لأنها سببه. وجمع الكف- بالضم-: الكف المقبوضة، فهو من إضافة الصفة للموصوف. والملأى: الممتلئة. وصفر الرجل- بالكسر- وأصفر فهو مصفر: افتقر. والصفر- بالضم، وقيل بالكسر-: الخالي. والصارم: السيف القاطع. وحسم الشيء: قطعه بالحسام الشديد القطع. ويطلق على الحديد الحد. والهبر: قطع بضعة كثيرة من اللحم. والسمرة: لون بين البياض والأدمة. والخط: موضع تنسب له الرماح الجيدة. والكعب: ما بين العقدتين. والقسب: نوع من التمر صلب النوى. وريا الشيء وأربى: زاد، وقد تقلب باؤه ميما، كما روى: قد أرمى. وذراعا: تمييز، أى زاد ذراعا على العشر الأذرع، فيكون مقداره أحد عشر ذراعا، والجملة وصف لأسمر. ويحتمل أنها حال من النوى، أى: زاد النوى حال كونه مقدار ذراع على العشر من النوى، فذراعا حال في ضمن الحال وإذا أشبهت كعوبه النوى في هذه الحالة، فكل ذراع منه يزيد على عشرة كعوب. ويجوز أن ذراعا تمييز محول عن الفاعل، أى: زاد كل ذراع من هذا الأسمر على عشرة كعوب. يقول: إذا طلب وارثي تركتي يجد أشياء حقيقة بأن يقبض عليها بالكف حرصا عليها، فقوله «جمع كف» كناية عن ذلك غير ممتلئة عند من يحب المال، وغير خالية عند ملاقى الأبطال، ويجد الثاني بدل من الأول. وشبه فرسه بالعنان في الضمور والمكانة إذا هز أى حرك، كناية عن الضرب به، وشبهه بمن يصح منه الرضا على طريق الكناية ولم يرض تخييل: أى يجد فرسا ضامراً وسيفا قاطعا ورمحا طويلا أو صلبا. وجزم المضارع في جواب إذا وهو قليل.