للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابن عمر وابن عمرو والحسن. وقرأ ابن عباس: حمئة. وكان ابن عباس عند معاوية، فقرأ معاوية: حامية فقال ابن عباس: حمئة. فقال معاوية لعبد الله بن عمرو: كيف تقرأ؟ قال: كما يقرأ أمير المؤمنين ثم وجه إلى كعب الأحبار. كيف تجد الشمس تغرب؟ قال. في ماء وطين، كذلك نجده في التوراة. وروى: في ثأط، فوافق قول ابن عباس، وكان ثمة رجل فأنشد قول تبع.

فرأى مغيب الشّمس عند مآبها … في عين ذى خلب وثاط حرمد «١»

أى في عين ماء ذى طين وحمإ أسود، ولا تنافى بين الحمئة والحامية، فجائز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعا. كانوا كفرة فخيره الله بين أن يعذبهم بالقتل وأن يدعوهم إلى الإسلام، فاختار الدعوة والاجتهاد في استمالتهم فقال: أمّا من دعوته فأبى إلا البقاء على الظلم العظيم الذي هو الشرك: فذلك هو المعذب في الدارين وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ ما يقتضيه الإيمان فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وقيل: خيره بين القتل والأسر، وسماه إحسانا في مقابلة القتل فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى فله أن يجازى المثوبة الحسنى. أو فله جزاء الفعلة الحسنى التي هي كلمة الشهادة. وقرئ: فله جزاء الحسنى، أى: فله الفعلة الحسنى جزاء. وعن قتادة: كان يطبخ من كفر في القدور،


(١) .
قد كان ذو القرنين جدي مسلما … ملكا تدين له الملوك وتسجد
بلغ المغارب والمشارق يبتغى … أسباب أمر من حكيم مرشد
فرأى مغار الشمس عند مآبها … في عين ذى خلب وثأط حرمد
لتبع الأكبر اليماني المذكور في القرآن، يفتخر بجده إسكندر ذى القرنين ابن فيلسوف اليونانى. ويروى: مر، بدل جدي. وتدين أى تنقاد. وروى بدله: «علا في الأرض غير مفند» أى غير مكذب، فلا عيب في القافية والخلب- بضمتين-: الحمأة وهي الطين. والثأط: الحمأة المختلطة بالماء، فتزيد رطوبة وتفسد. والحرمد: الطين الأسود. مدح ذا القرنين ثم قال: إنه بلغ مواضع غروب الشمس ومواضع شروقها، يبتغى من الله أسبابا توصله لمقصده، فرأى محلى غيار الشمس عند مآبها، أى رجوعها إليه. ويروى مآب الشمس عند مغيبها: أى غيبوبتها.
وفي عين: متعلق بغار. أو بمحذوف، أى: رآها تغرب في عين. ويجوز أنه حال من المغار، لأن العين أوسع منه، أى في عين ماء ذى طين أسود مختلط بماء، وهذا موافق لظاهر الآية. وأولها أبو على الجبائي بأن ذلك على سبيل التخييل، كما أن من لم ير الشاطئ الغربي من البحر المتسع يرى الشمس تغرب فيه، وفي الحقيقة تغرب في ظلمة وراء الأبيض، لأن الأرض كروية.