للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يعقوب من العقب، ولا إسرائيل بإسرال كما زعم ابن السكيت، ومن لم يحقق ولم يتدرّب بالصناعة كثرت منه أمثال هذه الهنات. ويجوز أن يكون معنى إِدْرِيسَ في تلك اللغة قريبا من ذلك، فحسبه الراوي مشتقا من الدرس. المكان العلى: شرف النبوّة والزلفى عند الله وقد أنزل الله عليه ثلاثين صحيفة، وهو أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب، وأوّل من خاط الثياب ولبسها، وكانوا يلبسون الجلود. وعن أنس بن مالك رضى الله عنه يرفعه إنه رفع إلى السماء الرابعة «١» . وعن ابن عباس رضى الله عنهما: إلى السماء السادسة «٢» . وعن الحسن رضى الله عنه. إلى الجنة لا شيء أعلى من الجنة. وعن النابغة الجعدي: أنه لما أنشد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعر الذي آخره:

بلغنا السّماء مجدنا وسناؤنا … وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا «٣»

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إلى أين يا أبا ليلى» قال: إلى الجنة «٤» .


(١) . أخرجه الترمذي من رواية شيبان عن قتادة عن أنس بهذا. وقال هو عندي مختصر من حديث الاسراء الذي رواه سعيد وهمام عن قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة.
(٢) . أخرجه الطبري وابن مردويه من رواية عطية عنه.
(٣) .
ولا خير في حلم إذا لم يكن له … بواد وتحمى صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له … حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا … وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
للنابغة الجعدي، أنشده أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إلى أين يا أبا ليلى؟ قال: إلى الجنة بك يا رسول الله، فقال: لا يفضض الله فاك. فعمر فوق مائتي عام، وكان إذا سقطت له سن نبت بدلها. والحلم: الأناة والعقل. والبادرة: الكلمة تصدر حال الغضب. وشبه الحلم بالماء على طريق المكنية. والصفاء والتكدير:
تخييل، والمراد بالجهل: عجلة الاقدام على عظائم الأمور. والإيراد جعل الشيء واردا. والإصدار: جعله صادرا. والمراد تسبب في وجوده وإعظامه وفي تحقيره وإعدامه. ويحتمل أنه شبه الأمر المعضل بحيوان يورده صاحبه إلى الماء تارة ويرجعه أخرى، على طريق المكنية، والإيراد والإصدار تخييل. ويجوز أن فاعل أورد ضمير الجهل، وفاعل أصدر ضمير الحليم، أى: إذا تسبب الجهل والشجاعة في أمر خطاء أرجعه الحليم وأبطله، فلا بد من اجتماع الحلم والجرأة معا حتى يكمل الرجل. ومجدنا وسناؤنا بالرفع بدلا من فاعل بلغنا. وقيل: هما مفعولان فهما بالنصب. وانظر ما وجهه، ولعله أنهما ظرفان اعتباريان، أى: بلغنا السماء في المجد والسناء. أو بدلان من السماء، بأن شبههما بها، ثم أطلقها عليهما وأبدلهما منها، وهو أوجه من الظرفية. ولو قيل على النصب: أنهما تمييزان، كان وجيها، لكنه على رأى الكوفيين القائلين بجوازه معرفة، ولما ادعى بلوغ السماء بنى عليه ما يبنى على المحسوس فقال: وإنا لنرجو مظهرا فوق ذلك.
(٤) . أخرجه البزار وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل لها من طريق يعلى بن الأشرف عنه وله طريق أخرى عند البيهقي وذكر القصيدة.