صحته. والمستكن في فَأَتَمَّهُنَّ في إحدى القراءتين لإبراهيم بمعنى: فقام بهنّ حق القيام وأدّاهنّ أحسن التأدية من غير تفريط وتوان. ونحوه (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) وفي الأخرى للَّه تعالى بمعنى فأعطاه ما طلبه لم ينقص منه شيئا. ويعضده ما روى عن مقاتل أنه فسر الكلمات بما سأل إبراهيم ربه في قوله:(رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) ، (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) ، (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ) . (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) فإن قلت: ما العامل في إذ؟ قلت: إما مضمر نحو: واذكر إذ ابتلى أو وإذا ابتلاه كان كبت وكيت، وإما قالَ إِنِّي جاعِلُكَ. فإن قلت: فما موقع قال؟ قلت: هو على الأوّل استئناف، كأنه قيل: فماذا قال له ربه حين أتم الكلمات؟ فقيل: قال إنى جاعلك للناس إماما. وعلى الثاني جملة معطوفة على ما قبلها. ويجوز أن يكون بيانا لقوله:(ابْتَلى) وتفسيراً له فيراد بالكلمات ما ذكره من الإمامة وتطهير البيت ورفع قواعده. والإسلام قبل ذلك في قوله:(إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) وقيل في الكلمات: هنّ خمس في الرأس: الفرق، وقص الشارب، والسواك، والمضمضة والاستنشاق. وخمس في البدن: الختان، والاستحداد، والاستنجاء، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط. وقيل ابتلاه من شرائع الإسلام بثلاثين سهما: عشر في براءة (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) ، وعشر في الأحزاب (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) ، وعشر في المؤمنون وسأل سائل إلى قوله (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) وقيل هي مناسك الحج، كالطواف والسعى والرمي والإحرام والتعريف وغيرهنّ. وقيل: ابتلاه بالكوكب والقمر والشمس والختان وذبح ابنه والنار والهجرة. والإمام اسم من يؤتم به على زنة الآلة، كالإزار لما يؤتزر به، أى يأتمون بك في دينهم وَمِنْ ذُرِّيَّتِي عطف على الكاف، كأنه قال: وجاعل بعض ذريتي، كما يقال لك:
سأكرمك، فتقول: وزيدا لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وقرئ: الظالمون، أى من كان ظالما من ذرّيتك. لا يناله استخلافى وعهدى إليه بالإمامة، وإنما ينال من كان عادلا بريئا من الظلم.
وقالوا: في هذا دليل على أن الفاسق لا يصلح للإمامة. وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته، ولا تجب طاعته ولا يقبل خبره، ولا يقدّم للصلاة. وكان أبو حنيفة رحمه اللَّه يفتي سراً بوجوب نصرة زيد بن علىّ رضوان اللَّه عليهما، وحمل المال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمى بالإمام والخليفة، كالدوانيقى وأشباهه. وقالت له امرأة: أشرت على ابني بالخروج مع إبراهيم ومحمد ابني عبد اللَّه بن الحسن حتى قتل. فقال: ليتني مكان ابنك. وكان يقول في المنصور وأشياعه: لو أرادوا بناء مسجد وأرادونى على عدّ آجره لما فعلت. وعن ابن عيينة: لا يكون الظالم إماما قط. وكيف يجوز نصب الظالم للامامة، والإمام إنما هو لكف الظلمة. فإذا نصب من كان ظالما في نفسه فقد جاء المثل السائر: من استرعى الذئب ظلم. والْبَيْتَ