في وَلا يُلَقَّاها للكلمة التي تكلم بها العلماء، أو للثواب، لأنه في معنى المثوبة أو الجنة، أو للسيرة والطريقة، وهي الإيمان والعمل الصالح الصَّابِرُونَ على الطاعات وعن الشهوات وعلى ما قسم الله من القليل عن الكثير. كان قارون يؤذى نبى الله موسى عليه السلام كل وقت، وهو يداريه للقرابة التي بينهما، حتى نزلت الزكاة فصالحه عن كل ألف دينار على دينار، وعن كل ألف درهم على درهم، فحسبه فاستكثره فشحت به نفسه، فجمع بنى إسرائيل وقال: إنّ موسى أرادكم على كل شيء، وهو يريد أن يأخذ أموالكم، فقالوا: أنت كبيرنا وسيدنا، فمر بما شئت، قال:
نبرطل فلانة البغىّ حتى ترميه بنفسها فيرفضه بنو إسرائيل، فجعل لها ألف دينار. وقيل: طستا من ذهب. وقيل: طستا من ذهب مملوءة ذهبا. وقيل: حكمها فلما كان يوم عيد قام موسى فقال:
يا بنى إسرائيل، من سرق قطعناه، ومن افترى جلدناه، ومن زنى وهو غير محصن جلدناه، وإن أحصن رجمناه، فقال قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قال: فإنّ بنى إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فأحضرت، فناشدها موسى بالذي فلق البحر، وأنزل التوراة أن تصدق، فتداركها الله فقالت: كذبوا، بل جعل لي قارون جعلا على أن أقذفك لنفسي، فخرّ موسى ساجدا يبكى وقال: يا رب، إن كنت رسولك فاغضب لي. فأوحى إليه:
أن مر الأرض بما شئت، فإنها مطيعة لك. فقال: يا بنى إسرائيل، إنّ الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليلزم مكانه، ومن كان معنى فليعتزل، فاعتزلوا جميعا غير رجلين ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى الركب، ثم قال: خذيهم، فأخذتهم إلى الأوساط، ثم قال: خذيهم، فأخذتهم إلى الأعناق، وقارون وأصحابه يتضرعون إلى موسى عليه السلام ويناشدونه بالله والرحم، وموسى لا يلتفت اليهم لشدّة غضبه، ثم قال: خذيهم، فانطبقت عليهم «١» . وأوحى الله إلى موسى: ما أفظك: استغاثوا بك مرارا فلم ترحمهم، أما وعزتي لو إياى دعوا مرة واحدة لوجدوني قريبا مجيبا، فأصبحت بنو إسرائيل يتناجون بينهم: إنما دعا موسى على قارون ليستبد بداره وكنوزه، فدعا الله حتى خسف بداره وأمواله مِنَ المُنْتَصِرِينَ من المنتقمين من موسى عليه السلام، أو من الممتنعين من عذاب الله. يقال: نصره من عدوه فانتصر، أى: منعه منه فامتنع.
(١) . أخرجه عبد الرزاق والطبراني. من رواية على بن زيد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي. قال، فذكره موقوفا. ووصله الحاكم بذكر ابن عباس. قال «لما أتى موسى قومه أمرهم بالزكاة فجمعهم قارون. فذكره باختصار. قوله وفي الأخبار والآثار ما يدل عليه، يعنى وقوع الرعب في قلوب جميع الناس يوم الموقف يمكن أن يستدل له بحديث الشفاعة الطويل. ففي المتفق عليه عن أبى هريرة في حديث الشفاعة قال «يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون. وفيه قول آدم وغيره: نفسي نفسي» وانفقا عليه من حديث أنس كذلك