إن إطلاق الاستعانة يتناول كل مستعان فيه، وليس بمسلم فان الفعل لا عموم لمصدره، والتحقيق أن الإطلاق إنما يقتضى إبهاما وشيوعا، والنفس إلى المبهم أشوق منها إلى المقيد لتعلق الأمل مع الإبهام لكل نعمة تخطر بالبال (٢) . ولقد أمر على اللئيم يسبني … فمضيت ثمة قلت لا يعنيني غضبان ممتلئ على إهابه … إنى وربك سخطه يرضيني لرجل من بنى سلول، ويسبني صفة للئيم وإن قرن بأل، لأنه ليس المراد لئيما بعينه بدليل مقام التمدح فأل فيه للعهد الذهني لا الخارجي، ومدخولها في المعنى كالنكرة، فجاز وصفه بالجملة وإن كانت لا يوصف بها إلا النكرة، وهذا يفيد اتصافه بالسب دائما لا حال المرور فقط وهو المراد، وكان الظاهر أن يقول: فأمضى ثم أقول، ولكن أتى بالماضي دلالة على تحقق ذلك منه، وروى: فأعف ثم أقول: أى أكف عنه وعن مكافأته، ويحتمل أنه أراد صررت على صبغه الماضي بالمضارع لحكايه الحال، هذا والظاهر أن الجملة حالية، أى: أمر على اللئيم حال كونه يسبني وأنا أسمع فأعرض عنه وأقول إنه لا يقصدني بذلك السب الذي سمعته منه، وليس المراد وصفه بالسب الدائم، لأنه لا يظهر مع تخصيص السب بوقوعه على ضمير المار، على أنه يمكن جعل الحال لازمة فتفيد الدوام. هو غضبان ممتلئ جلده غضبا على لكن لا أبالى بذلك، فانى وحق ربك غضبه يرضيني، فليدم عليه وليزدد منه، والإهاب: الجلد قبل دبغه بل وقبل سلخه كما هنا.