(٢) . قال محمود: «إن قلت. ما قائدة قوله وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ولا يخفى على أحد أن حملة العرش ومن حوله من الملائكة مؤمنون بالله تعالى … الخ» قال أحمد: كلام حسن إلا استدلاله بقوله وَيُؤْمِنُونَ بِهِ على أنهم ليسوا مشاهدين، فهذا لا يدل، لأن الايمان هو التصديق غير مشروط فيه غيبة المصدق به، بدليل صحة إطلاق الايمان بالآيات مع أنها مشاهدة، كانشقاق القمر وقلب العصاحية. وإنما نقب الزمخشري بهذا التكلف عما في قلبه من مرض، لكنه طاح بعيدا عن الغرض، فقرر أن حملة العرش غير مشاهدين، بدليل قوله تعالى وَيُؤْمِنُونَ لأن معنى الايمان عنده التصديق بالغائب. ثم يأخذ من كونهم غير مشاهدين: أن الباري عز وجل لو صحت رؤيته لرأوه، فحيث لم يروه لزم أن تكون رؤيته تعالى مما لا يصححه العقل، وقد أبطلنا ما ادعاه من أن الايمان مستلزم عدم الرؤية، ولو سلمناه فلا نسلم أنه يلزم من كون حملة العرش غير مشاهدين له تعالى أن تكون رؤيته غير صحيحة، وقوله: ولو كانت صحيحة لرأوه: شرطية عقيمة الانتاج، لأن الرؤية عبارة عن إدراك: يخلق الله تعالى هذا الإدراك لحملة العرش، إلا أن يذهب بالزمخشرى الوهم إلى أن مصححى الرؤية يعتقدون الجسمية والاستقرار على العرش، فيلزمهم رؤية حملة العرش له تعالى الله عن ذلك، وحاشى أهل السنة ومصححى الرؤية من ذلك. [.....] (٣) . قوله «كما تقول المجسمة» يريد أهل السنة، لأنهم لما جوزوا رؤيته تعالى معاينة: لزمهم القول بأنه تعالى جسم، ولكن الرؤية لا تستلزم الجسمية، خلافا للمعتزلة، كما بين في علم التوحيد. (ع)