مستقيم أن يكون فَسَيَقُولُونَ هو العامل في الظرف، لتدافع دلالتى المضي والاستقبال، فما وجه هذا الكلام؟ قلت: العامل في إذ محذوف، لدلالة الكلام عليه، كما حذف من قوله فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وقولهم: حينئذ الآن، وتقديره: وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم، فسيقولون هذا إفك قديم، فهذا المضمر صحّ به الكلام، حيث انتصب به الظرف وكان قوله فَسَيَقُولُونَ مسببا عنه كما صحّ بإضمار أنّ قوله حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ لمصادفة حَتَّى مجرورها، والمضارع ناصبه. وقولهم إِفْكٌ قَدِيمٌ كقولهم: أساطير الأوّلين كِتابُ مُوسى مبتدأ ومن قبله ظرف واقع خبرا مقدما عليه، وهو ناصب إِماماً على الحال، كقولك: في الدار زيد قائما.
وقرئ: ومن قبله كتاب موسى، على: وآتينا الذين قبله التوراة. ومعنى إِماماً: قدوة يؤتم به في دين الله وشرائعه، كما يؤتم بالإمام وَرَحْمَةً لمن آمن به وعمل بما فيه وَهذا القرآن كِتابٌ مُصَدِّقٌ لكتاب موسى. أو لما بين يديه وتقدّمه من جميع الكتب. وقرئ:
مصدق لما بين يديه. ولِساناً عَرَبِيًّا حال من ضمير الكتاب في مصدق، والعامل فيه مُصَدِّقٌ ويجوز أن ينتصب حالا عن كتاب «١» لتخصصه بالصفة، ويعمل فيه معنى الإشارة. وجوّز أن يكون مفعولا لمصدق، أى: يصدق ذا لسان عربى وهو الرسول. وقرئ: لينذر بالياء والتاء، ولينذر: من نذر ينذر إذا حذر وَبُشْرى في محل النصب معطوف على محل لينذر، لأنه مفعول له.
(١) . أجاز محمود في نصبه أن يكون حالا عن كتاب لتخصصه بالصفة … الخ. قال أحمد: وجهان حسنان أعززهما بثالث: وهو النصب على الاختصاص، وهذه الوجوه في قوله تعالى فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا، والله أعلم.