فقد علموا أنى وفيت لربها … فراح على عنس بأخرى يقودها قريت الكلابي الذي يبتغى القرى … وأمك إذ يحدى إلينا قعودها فباتت تعد النجم في مستحيرة … سريع بأيدى الآكلين جمودها فلما سقيناها العكيس تملأت … مذاخرها وارفض منها وريدها ولما قضت من ذى الإناء لبانة … أرادت إلينا حاجة لا نريدها للراعي النميري من بنى قطن بن ربيعة: نزل به أضياف من بنى كلاب وقد غابت إبله، فنحر لهم ناقة من ركابهم، فلما أصبح أقبلت عليه إبله، فأعطى صاحب الناقة مثلها، وأعطاه ثنية زيادة عليها، نذمه خنزر بن أرقم من بنى بدر ابن ربيعة على ذبحها، فأجابه الراعي بقصيدة منها ذلك. والعنس: الناقة الصلبة. وأمك: عطف على الكلابي. ويحدى: مبنى للمجهول، أى: يساق بالغناء له. والقعود- كصبور-: البكر من الإبل، لأنه لا يمكن الراكب من القعود على ظهره. وروى: إذ يحدى إليك، بدل إلينا. ولعله بعد الضيافة الآتية أو تحريف، فباتت أمك تعد النجم، أى: تحسب صور النجوم، أو تحسب فقاقع المرق في الجفنة، فاستعار لها النجم على سبيل التصريحية. أو تحسب الثريا، لأن النجم اسم غالب عليها، وهي سبعة نجوم: ترى صورتها في ليالي الشتاء. وقيل: المراد بالعد هنا: الظن، أى باتت تظنا فيها. والمستحيرة: المتحيرة بامتلائها من المرق. ويروى: مستجرة لأنها تجر الناس للأكل منها والعكس: المرق الممزوج باللبن الحليب. وتملأت: امتلأت. ويروى: تمدحت، بالدال المهملة، أى: اتسعت من الشبع. ويروى بالمعجمة، أى: اصطكت واضطربت. والمذاخر: مواضع الذخائر: والمراد بها المعدة والأمعاء. ويروى: خواصرها، أى: جوانبها. وارفض: رشح وترشرش وارتعد ونفر، ويروى: وازداد رشحا وريدها. أى: باتت تنظر النجوم في جفنة كثيرة المرق والدسم، سريع جمود دسمها على أيدى الآكلين من برد الشتاء، حتى إذا امتلأت بطنها ونفرت عروق عنقها وقضت لبانة، أى: حاجة من صاحب الإناء وهو المرق واللبن: طلبت منا حاجة لا نريدها ولا نرضاها، لأنها فاحشة وكأنه صمن أرادت معنى التضرع أو الميل أو النسبة فعداء بإلى. ويجوز أنها بمعنى من، كما أوضحناه في آخر حرف الباء. (٢) . قوله «فوجم لها» أى اشتد حزنه. أفاده الصحاح. (ع)