(٢) . قال محمود: «معناه لأحل بين المؤمنة والمشرك» قال أحمد: هذه الآية مما استدل بها على خطاب الكفار بالفروع لأنه تعالى قال لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ والضمير الأول للمؤمنات، والثاني الكفار، والمراد به يحرمن على الكفار لأن قسيمه متفق على أن المراد به تحريم الكفار على المؤمنات، فيكون كل من القبيلين المؤمنات والكفار مخاطبا بالحرمة، ولما كان المذهب المعزى إلى أصحاب أبى حنيفة أن الكفار غير مخاطبين لك الزمخشري يتفسر الآية ما يوافق ذلك، فحملها على أن المراد نفى الحل بين المؤمنة والكافر على الإجمال، حتى لا يتمحض نسبة الحرمة إلى الكافر، وهذا لا متخلص فيه فان الحل المنفي بين المؤمنة والكافر إلى الحرمة، لا بد وأن يتعلق بفعل أحدهما أو كليهما، إذ هو حكم فان تعلق بفعل كل واحد منهما أعنى التمكين من المرأة والفعل من الرجل: تحقق خطاب الكافر بالحرمة، وتعليقه بفعل المرأة دون فعل الرجل: يأباه نظم الآية، فانه نفى الحل من الجهتين جميعا ولو كان كذلك، لكفى قوله وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ والتحقيق الممتحن على قواعد الأصول: هو ما نذكره إن شاء الله تعالى فنقول: كل من فعلى المؤمنة والكافر ينفى عنه الحل بالتفسير اللائق، فأما فعل المؤمنة وهو التمكين فلا شك في تعلق الحرمة للشرع. باعتبار أنها مخاطبة بأن لا يحصل في الوجود على وجه لو حصل لكانت متوعدة على حصوله وأما فعل الكافر وهو الوطء مثلا، فمنفى حله باعتبار أن الشرع قصد إلى أن لا يحصل الوطء، لما يشتمل عليه من المفسدة، وللشرع قصد في أن لا تقع المفاسد، وليس الكافر موردا للخطاب، ولكن الأئمة مثلا أو من يقوم مقامهم. مخاطبون بأن يمنعوا الكافر كى لا يقع هذا الفعل المنطوى على المفسدة في نظر الشرع، فكلا الفعلين إذا من جانب المرأة والرجل غرض في أن لا يقع، لكن مورد الخطاب المنطوى على السلامة من المفسدة في حق المرأة هي وفي حق الكافر الأئمة مثلا، ويتفق المختلفون فيه في خطاب الكفار على أن للشرع غرضا في أن لا تحصل المفاسد في الوجود. ألا ترى أن الكافر إذا جهر بالفساد بين المسلمين يتفق على وجوب ردعه عن ذلك ومنعه عنه، وما ذاك إلا لما فهم عن الشرع من طلب سلامة الوجود عن المفاسد، ومورد الخطاب يردع الكافر كى لا يجهر بالفساد يعم الأئمة، والله الموفق.