للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم لا يبصر بعضا، وإنما يمنعهم التشاغل: وقرئ: يبصرونهم. وقرئ: ولا يسئل، على البناء للمفعول، أى: لا يقال الحميم أين حميمك ولا يطلب منه، لأنهم يبصرونهم فلا يحتاجون إلى السؤال والطلب. فإن قلت: ما موقع يبصرونهم؟ قلت: هو كلام مستأنف، كأنه لما قال وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً قيل: لعله لا يبصره، فقيل: يبصرونهم، ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم. فإن قلت: لم جمع الضميران في يُبَصَّرُونَهُمْ وهما للحميمين؟ قلت: المعنى على العموم لكل حميمين لا لحميمين اثنين. ويجوز أن يكون يُبَصَّرُونَهُمْ صفة، أى: حميما مبصرين معرّفين إياهم. قرئ: يومئذ، بالجرّ والفتح على البناء للإضافة إلى غير متمكن، ومن عذاب يومئذ، بتنوين عَذابِ ونصب يَوْمِئِذٍ وانتصابه بعذاب، لأنه في معنى تعذيب وَفَصِيلَتِهِ عشيرته الأدنون الذين فصل عنهم تُؤْوِيهِ تضمه انتماء إليها، أو لياذا بها في النوائب يُنْجِيهِ عطف على يفتدى، أى: يودّ لو يفتدى، ثم لو ينجيه الافتداء. أو من في الأرض. وثم: لاستبعاد الإنجاء، يعنى: تمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم في فداء نفسه، ثم ينجيه ذلك وهيهات أن ينجيه كَلَّا ردّ للمجرم عن الودادة، وتنبيه على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب، ثم قال إِنَّها والضمير للنار، ولم يجر لها ذكر، لأنّ ذكر العذاب دل عليها. ويجوز أن يكون ضميرا مبهما ترجم عنه الخبر، أو ضمير القصة.

ولَظى علم للنار، منقول من اللظى: بمعنى اللهب. ويجوز أن يراد اللهب. ونَزَّاعَةً خبر بعد خبر لأنّ، أو خبر للظى إن كانت الهاء ضمير القصة، أو صفة له إن أردت اللهب، والتأنيث لأنه في معنى النار. أو رفع على التهويل، أى: هي نزاعة. وقرئ نزاعة، بالنصب على الحال المؤكدة، أو على أنها متلظية نزاعة، أو على الاختصاص للتهويل. والشوى: الأطراف. أو جمع شواة:

وهي جلدة الرأس تنزعها نزعا فتبتكها «١» ثم تعاد تَدْعُوا مجاز عن إحضارهم، كأنها تدعوهم فتحضرهم. ونحوه قول ذى الرمّة:

...... تدعو أنفه الرّبب «٢»


(١) . قوله «فتبتكها» أى: تقطعها. (ع)
(٢) .
أمسى بوهبين مجتازا لمرتعه … من ذى الفوارس تدعو أنفه الربب
لدى الرمة يصف ثورا وحشيا. ووهبين: اسم موضع، وكذلك ذو الفوارس. والربب- بموحدتين-: جمع ربة وهي أول ما ينبت من الكلا. والدعاء: الطلب، وهو هنا مجاز عن التسبب في الأمر، لأن النبات الصغير سبب في وصول أنفه للأرض، ليرعاه. ويجوز تشبيه الربب بالداعي، والدعاء تخييل، ثم يحتمل أن مرتعه من ذى الفوارس ويحتمل أنه سار من ذى الفوارس إلى وهبين. ويروى: مختارا، أى: متخيرا ومتطلبا خير المراتع.