(٢) . قوله «مشيئة إلجاء وقسر» يعنى أنه أراد عدم الاقتتال، لكن لا إرادة قسر، ولذلك تخلف المراد عنها، وهذا مذهب المعتزلة. وأما عند أهل السنة فليس هناك إرادة يتخلف عنها المراد، بل كل ما شاء اللَّه كان، وما لم يشأ لم يكن، كما بين في محله. (ع) (٣) . قال محمود رحمه اللَّه: «كرر ولو شاء اللَّه للتأكيد» قال أحمد رحمه اللَّه: ووراء التأكيد سر أخص منه، وهو أن العرب متى بنت أول كلامها على مقصد ثم اعترضها مقصد آخر وأرادت الرجوع إلى الأول، قصدت ذكره إما بتلك العبارة أو بقريب منها. وذلك عندهم مهيع من الفصاحة مسلوك، وطريق معتد. وكان جدي لأمى أبو العباس أحمد بن فارس الفقيه الوزير يعد في كتاب اللَّه تعالى مواضع في هذا المعنى: منها قوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) ومنها قوله تعالى: (وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) إلى قوله: (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) وهذه الآية من هذا النمط، لما صدر الكلام بأن اقتتالهم كان على وفق المشيئة. ثم طال الكلام، أو أريد بيان أن مشيئة اللَّه تعالى كما نفذت في هذا الأمر الخاص وهو اقتتال هؤلاء فهي ناقذة في كل فعل واقع، وهو المعنى المعبر عنه في قوله: (وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) طرأ ذكر تعلق المشيئة بالاقتتال لتلوه عموم تعلق المشيئة لتناسب الكلام وتعرف كل بشكله. فهذا سر ينشرح لبيانه الصدر ويرتاح السر، واللَّه الموفق. وأى قدم يثبت للاعتزال قبالة هذا؟ لأنه الدائرة القاطعة لدابره، الكافلة بالرد على منتحله وناصره ولذلك جوزها الزمخشري لاغتناصها على تأويله، واعتصامها بالنصوصية من حيله ونحيله.